غاندي .. والأربعة عشر نجماً



نتغنى، نطرب، نفتخر بإنسانيتنا حين نذكر المهاتما غاندي، فلديه من الحضور بالقلوب الشئ الكبير. فرغم ضعف جسمه وزهد ملبسه واقتصاده بأكله وشربه، استطاع ان يعطي للهند ما لم يحققه احد بتاريخها.

بلد كالهند، كانت تعتبر درة تاج العرش البريطاني وجزأ لا يتجزأ من الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، استطاع غاندي ورفاقه خلال مشوار حافل من المقاومة المدنية من حيازة الاستقلال، رغم مرارة انفصال بنغلاديش وباكستان عنها.

غاندي الذي نقل الهند نقلة نوعية وحارب الطبقية بدينه الهندوسي، غاندي الذي وحد الهند التي تحوي اكثر من ٢٠٠ اقلية واكثر من  ٢٠ ديانة لتكون الاكثر تنوعاً عرقياً واثنياً بالعالم، ورغم ذلك توحدوا تحت قيادته واستمعوا له، وهو القائل تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوماً لأنتصر.

ولكن، رغم عظمة غاندي، رغم حكمته، رغم عذاباته وسجنه وما قدمه للانسانية، فلقد خدمه ظرفه وطبيعة عدوه، فعدوه احترمه واحترم مكانته وحتى في سجنه اعطاه حجمه وميزه، فعدو غاندي المحتل الانجليزي لم يعذبه، لم يعلقه، لم يكويه بالكهرباء ولم يغتصبه.

لقد كان عدو غاندي ارحم واكثر شهامة ومروؤة من عدونا، فلدينا علماء ورموز بالسجون لم يبقوا شيئاً لم يفعلوه بهم وبذويهم، ورغم كل ذلك تمسكوا بسلميتهم ومطالبهم العادلة.

فهذا الأستاذ حسن المشيمع البطل، يعذب ويكوى بالنار ويضرب ويهان وهو مصاب بالسرطان، ويزج بابنه محمد لأكثر من سنة في غياهب السجون والآخر من ولده مبعد للخارج بعيد عن حضن والدته ووطنه.

وهذا الأستاذ عبد الوهاب حسين المخلص، يضرب ويهان ويبقى بالانفرادي حتى تورم جسمه، وحين اعتقاله تم ضربه وتعنيفه وسحله للسيارة العسكرية.

وذاك آية الله عبد الجليل المقداد رمز الجهاد، عروه وعلقوه ثلاثة ايام وتحت تعذيب متواصل وتم تهديده بعرضه وشرفه، وبعد كل ذلك رفض حتى ان يعتذر للملك وعائلته.

وذلك الشيخ محمد حبيب المقداد امير شباب البحرين، يعرى امام عائلته ويعذبه معجزة العصر، يكويه بالنار ويخرق جسمه بالثاقب الكهربائي، يعلقه ويدميه مراراً وتكراراً، ويحكم عليه بأكثر من ٨٠ عاماً بالسجن وما زالت عليه الكثير من القضايا الملفقة.

وهنا الدكتور عبد الجليل السنكيس، راعي صمودنا، الذي سحل من غرفة نومه لسيارة اعتقاله، علق من رجليه المعاقتين وهدد بابنته وعذب ابنه أمامه وهدد بشرفه وبعد كل هذا رفض ان يعتذر لحمد.

وهناك ضمير الشعب الأستاذ عبد الهادي الخواجة، الذي يضرب هو وزوجي ابنتيه حتى ادمائه، ويعذب ويهدد بالاغتصاب او الاعتذار للملك فيرفض ان يعتذر ويهشم فكه بإرادته حفاظاً على شرفه وعفته.

وذاك شريف الثورة الاستاذ ابراهيم شريف، الذي يعذب بعنف حقداً وغيظاً لمواقفه الوطنية لدرجة ادخاله الانعاش مرتين من وحشية التعذيب.

وهناك سعيد النوري، والحر الصميخ، ومحمد جواد برويز، وميرزا المحروس، ومحمد علي رضي، وصلاح الخواجة، وعبد الهادي المخوضر.

من هؤلاء الأربعة عشر رمزاً من ثبت اغتصابه وتوثيقه لدى لجنة بسيوني، ومنهم من كسروا حوضه، ومنهم من علقوه، ومنهم من اصابته امراضاً مزمنة بسبب اعتقالاتهم المتكررة منذ ثمانينات  القرن الماضي حتى اليوم.

عذراً غاندي فأنت لم تلاقي شيئاً يذكر من كل ما جرى عليهم وهم ما زالوا اهل سلم وحكمة، عذراً فانت اضربت عن الطعام وبكت لك القلوب والعيون ولكن رموزنا رغم كل ما جرى عليهم اضربوا مرتين وهذه الثالثة، يضربون لليوم ١٣ عشر ولا من ناصر لهم ولا معين الا خالقهم الذي يراهم بعطفه ورحمته.

عذراً غاندي، كنت اراك مثلاً يحتذى ولكن لدي اليوم اربعة عشر ملاكاً قدموا وضحوا لعشرات السنين ولاقوا صنوف التعذيب هم واهليهم وما زالوا صامدون، بل ومن أجل حرائرنا عن الطعام في غياهب سجون الظالمين يضربون.

هم القيادة، هم الاشراق، هم الاخلاص، هم المحبة، وبهم تتجلى الوحدة الوطنية، فمنهم الشيعي والسني، ومنهم عالم الدين والعلماني الاقتصادي، وحدتهم عذاباتهم ليصيغوا لنا فجراً جديداً يدرس للعالم.

فهنيئاً لك يا وطني، فللهند بحجمها غاندي، أما انت يا بحرين فلك شموساً، علمونا الصمود، نعم .. انهم اربعة عشر نجماً مضيئاً.

ليث البحرين
٦-١٠-٢٠١١
قبيل طوفان المنامة-٢ بأربع ساعات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق