غاندي .. والأربعة عشر نجماً
نتغنى، نطرب، نفتخر بإنسانيتنا حين نذكر المهاتما غاندي، فلديه من الحضور بالقلوب الشئ الكبير. فرغم ضعف جسمه وزهد ملبسه واقتصاده بأكله وشربه، استطاع ان يعطي للهند ما لم يحققه احد بتاريخها.
بلد كالهند، كانت تعتبر درة تاج العرش البريطاني وجزأ لا يتجزأ من الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، استطاع غاندي ورفاقه خلال مشوار حافل من المقاومة المدنية من حيازة الاستقلال، رغم مرارة انفصال بنغلاديش وباكستان عنها.
غاندي الذي نقل الهند نقلة نوعية وحارب الطبقية بدينه الهندوسي، غاندي الذي وحد الهند التي تحوي اكثر من ٢٠٠ اقلية واكثر من ٢٠ ديانة لتكون الاكثر تنوعاً عرقياً واثنياً بالعالم، ورغم ذلك توحدوا تحت قيادته واستمعوا له، وهو القائل تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوماً لأنتصر.
ولكن، رغم عظمة غاندي، رغم حكمته، رغم عذاباته وسجنه وما قدمه للانسانية، فلقد خدمه ظرفه وطبيعة عدوه، فعدوه احترمه واحترم مكانته وحتى في سجنه اعطاه حجمه وميزه، فعدو غاندي المحتل الانجليزي لم يعذبه، لم يعلقه، لم يكويه بالكهرباء ولم يغتصبه.
لقد كان عدو غاندي ارحم واكثر شهامة ومروؤة من عدونا، فلدينا علماء ورموز بالسجون لم يبقوا شيئاً لم يفعلوه بهم وبذويهم، ورغم كل ذلك تمسكوا بسلميتهم ومطالبهم العادلة.
فهذا الأستاذ حسن المشيمع البطل، يعذب ويكوى بالنار ويضرب ويهان وهو مصاب بالسرطان، ويزج بابنه محمد لأكثر من سنة في غياهب السجون والآخر من ولده مبعد للخارج بعيد عن حضن والدته ووطنه.
وهذا الأستاذ عبد الوهاب حسين المخلص، يضرب ويهان ويبقى بالانفرادي حتى تورم جسمه، وحين اعتقاله تم ضربه وتعنيفه وسحله للسيارة العسكرية.
وذاك آية الله عبد الجليل المقداد رمز الجهاد، عروه وعلقوه ثلاثة ايام وتحت تعذيب متواصل وتم تهديده بعرضه وشرفه، وبعد كل ذلك رفض حتى ان يعتذر للملك وعائلته.
وذلك الشيخ محمد حبيب المقداد امير شباب البحرين، يعرى امام عائلته ويعذبه معجزة العصر، يكويه بالنار ويخرق جسمه بالثاقب الكهربائي، يعلقه ويدميه مراراً وتكراراً، ويحكم عليه بأكثر من ٨٠ عاماً بالسجن وما زالت عليه الكثير من القضايا الملفقة.
وهنا الدكتور عبد الجليل السنكيس، راعي صمودنا، الذي سحل من غرفة نومه لسيارة اعتقاله، علق من رجليه المعاقتين وهدد بابنته وعذب ابنه أمامه وهدد بشرفه وبعد كل هذا رفض ان يعتذر لحمد.
وهناك ضمير الشعب الأستاذ عبد الهادي الخواجة، الذي يضرب هو وزوجي ابنتيه حتى ادمائه، ويعذب ويهدد بالاغتصاب او الاعتذار للملك فيرفض ان يعتذر ويهشم فكه بإرادته حفاظاً على شرفه وعفته.
وذاك شريف الثورة الاستاذ ابراهيم شريف، الذي يعذب بعنف حقداً وغيظاً لمواقفه الوطنية لدرجة ادخاله الانعاش مرتين من وحشية التعذيب.
وهناك سعيد النوري، والحر الصميخ، ومحمد جواد برويز، وميرزا المحروس، ومحمد علي رضي، وصلاح الخواجة، وعبد الهادي المخوضر.
من هؤلاء الأربعة عشر رمزاً من ثبت اغتصابه وتوثيقه لدى لجنة بسيوني، ومنهم من كسروا حوضه، ومنهم من علقوه، ومنهم من اصابته امراضاً مزمنة بسبب اعتقالاتهم المتكررة منذ ثمانينات القرن الماضي حتى اليوم.
عذراً غاندي فأنت لم تلاقي شيئاً يذكر من كل ما جرى عليهم وهم ما زالوا اهل سلم وحكمة، عذراً فانت اضربت عن الطعام وبكت لك القلوب والعيون ولكن رموزنا رغم كل ما جرى عليهم اضربوا مرتين وهذه الثالثة، يضربون لليوم ١٣ عشر ولا من ناصر لهم ولا معين الا خالقهم الذي يراهم بعطفه ورحمته.
عذراً غاندي، كنت اراك مثلاً يحتذى ولكن لدي اليوم اربعة عشر ملاكاً قدموا وضحوا لعشرات السنين ولاقوا صنوف التعذيب هم واهليهم وما زالوا صامدون، بل ومن أجل حرائرنا عن الطعام في غياهب سجون الظالمين يضربون.
هم القيادة، هم الاشراق، هم الاخلاص، هم المحبة، وبهم تتجلى الوحدة الوطنية، فمنهم الشيعي والسني، ومنهم عالم الدين والعلماني الاقتصادي، وحدتهم عذاباتهم ليصيغوا لنا فجراً جديداً يدرس للعالم.
فهنيئاً لك يا وطني، فللهند بحجمها غاندي، أما انت يا بحرين فلك شموساً، علمونا الصمود، نعم .. انهم اربعة عشر نجماً مضيئاً.
ليث البحرين
٦-١٠-٢٠١١
قبيل طوفان المنامة-٢ بأربع ساعات
ارجع يا علي...!
في ثورتنا المباركة، عرج لله ٤٣ شهيداً وثقت شهاداتهم لدى الجميع، منهم اجنبيان و٥ نساء، وكلهم أضاؤوا طريق الحرية للشعب للوصول لعزته وكرامته.
ولعل من بين الشهداء العظماء، رموزاً معينة تبعاً لطريقة الشهادة او تأثير شهادتهم على مجرى الاحداث. ويجمع الكل ان عبد الرضا بوحميد كان وما زال اسد الشهداء لشجاعته وبسالته ولهزمه ودحره الدبابات بصدره العاري.
من اعظم شهدائنا كذلك قاسمهم واكبرهم، فقاسم شهداء البحرين علي الشيخ الذي خط شهادته بعبارته المخلده "إن عطاء الدم ثمن الحرية" واستشهد في يوم العيد وهو يهتف "الشعب يريد اسقاط النظام". اما اكبر شهداء البحرين فهو احمد القطان الذي عزف بدمه لحن الشهادة والاراده في يوم الدفاع المقدس عن الحرائر المعتقلات بالسجون.
ولا انسى شهدائنا بالسجون الخليفية ومنهم فخراوي وصقر والعشيري والكرزكاني وعياد وكلهم استشهدوا بعد ان تمزقت اجسادهم الطاهره وعذبوا حتى الموت لثباتهم على الحق.
ولكن ليسمح لي الجميع، فللثورة فارسها وشهيدها الهمام الذي غير مسارها لتكن ثورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، انه الشهيد علي مؤمن، فهو سر من اسرار هذه الثورة التي بدونه وبدون عطائه تحديداً ما استمرت، فحياته وطريقة استشهاده كانا مفصل رئيسي بالحراك الشعبي حتى هذه اللحظة.
علي مؤمن لم يكن عادياً، وازعم ان به سراً الاهياً ستبينه الايام لما قدمه للثورة من جميل لا ينسى، فبعد ان احتل مرتزقة النظام ميدان الشهداء يوم الخميس الدامي، رجع غالبية من كان نائماً تلك الليلة هارباً ولاجئاً لبيته الا قلة قليلة كانت تعد بالمئات ذهبت بحميتها للسلمانية لتدافع عن الجرحى بأرواحها، فنبض نداء الواجب في قلب علي فتوجه للسلمانية ومنها للميدان لاسعاف الجرحى خصوصاً وسط تداول اخبار عن وقوع عشرات الاصابات بين النساء والاطفال الذين بقوا ملقين على ارض الميدان وتحت رحمة المرتزقة.
توجه علي وبرفقة اخوته البواسل والمسعفين الابطال للميدان متحدين الاجراءات القمعية ومترزقة حمد، وكما كانوا متوقعين تم قمعهم بوحشية، فقاوموا المرتزقة بدمهم ولحمهم.
جرح علي، اصيب لكنه لم يتراجع، بقى وحيداً بالشارع وبينه وبين المرتزقة امتار، ارتفع تكبيره في وجهمهم رغم اصابته، التي كانت متعمده فقد اقتنصوه لنشاطه في اسعاف الجرحى والمصابين وتنقله غير عابئاً بالمرتزقة بين المسعفين لحماية وانقاذ ما يمكن انقاذه.
حاصروا علي، انهالوا عليه ضرباً مبرحاً اوقعه ارضاً، لكن كل ما فعلوه لم يشفي غليلهم، فجاءه احد الحاقدين، مزق رجليه بالسكين، مزق اسفل بطنه وامعائه وحتى جزء من اعضاءه التناسلية، قطع شرايينه وما رحمه. لقد تم التمثيل بجسمه في وضح النهار في شارع عام قرب اشارات القفول، صراخاته جعلت الشباب يحاولون انقاذه ولكنهم ما استطاعوا له سبيلاً بسبب وحشية القمع.
بقى علي يعاني آلام جسمه وهو ينزف الدم القاني في الشارع العام لساعات، ما اراحوه بطلقة، ما اسعفوه، ما رحموه، تركوه عارياً ممداً نازفاً لا ناصر له إلا الله. بعد ساعات سمح لاحد الاسعافات باخذه وتم نقله للسلمانية في حالة ميؤوسة حتى استشهد بنفس المساء.
لم يبالي علي مؤمن بمستقبله وحياته، لم يبالي بمكانته الاجتماعية المرموقة بين اهله وقريته والمهندسين من اقرانه، ذهب للميدان للدفاع عن الحرائر وانقاذهم من براثن مرتزقة النظام، نخوة العباس هي من حركته للدفاع عن كل حرائر الوطن، اباء الحسين هو من جعله وحيداً بين من لا يخشون ربهم حتى مثلوا فيه شر تمثيل، صلابة الكرار هي من صيرته فارساً شهماً بطلاً لا يرى الموت الا سعاده والحياة مع الظالمين الا برما. وبشهادة علي وما خطه من كلمات "نفسي فداء وطني" اشعلت الغيرة بقلوبنا وبقلب بوحميد البطل الذي تقدم للشهاده عرفاناً له ولأقرانه من الشهداء.
كم نحتاجك يا علي، كم نحتاج نخوتك يا علي، لقد سحلت احدى نسائنا ولمست اماكن عفة اخرى بالمالكية ونحن لم نحرك ساكناً، لقد عذبت اكثر من ١٢٠ إمرأه وهن من خيرة النساء ونحن ليس لنا الا الإدانة والعجز العملي عن فعل شئ، لقد اعتقلت ٤٥ إمرأه منهن صغيرات السن في وضح النهار في المجمع التجاري الاكبر بالبحرين وتم بطحن على وجههن بالشارع وتعذيبهن بالسجن بكل انواع التعذيب ولم يكن منا إلا دموع العاجزين.
ارجع يا علي، فنخوتك ستحيينا كما احيتنا بعد احتلال الدوار يوم الخميس الدامي، ارجع فقلوبنا الحيرى تحتاج الى دليلٍ يهدي للحق، دليلٍ نقي يوصلها لبر الحقيقة ومنبع الحب والاخلاص الذي لا زوال له. ارجع يا علي، فرموزنا وعلماؤنا عذبت وعلقت ومنها من اغتصب ولم نغضب ونثأر لهم رغم جليل تضحياتهم.
ارجع يا علي، فنحن من امثالك محرومون، ارجع وعلمنا قليلاً من غيرة الحسن ونخوة العباس وشجاعة الحسين. فلك بالقلوب حرقة وبالعيون دمعة كلما نظرنا لعينيك الحالمتين وهي تقول صدقاً وتنطق عملاً ان نفسي فداء وطني وديني وعرضي وشرفي.
فسلام عليك يوم ولدت يا علي، ويوم استشهدت ومثل بجسمك وتركوك نازفاً فراشك الشارع ولحافك السماء، ويوم تبعث حياً سعيداً نقياً كما وجب لك ان تكون.
http://www.youtube.com/watch?v=0SDTEPefLA0&sns=em
http://s930.vuclip.com/59/e4/59e4b8129b750a2184e9881e98d0291a/ba124807/59e4_w_2.3gp?c=297584971&u=724124032&s=BMsRo4
http://bahrainrevolutionnews.com/bahrain21620/
ليث البحرين
١٣-١٠-٢٠١١
نسائنا ونسائكم
إنها من قدمها الرسول بمقامها في الأسرة على الرجل، وهي نصف المجتمع الذي يلد ويربي النصف الآخر، هي الروعة في أرقى تجلياتها وصورها.
هي المرأة، هي الأم الحنون، هي الأخت المضحية، هي الزوجة المحبة، هي الابنة المخلصة، وهي المدرسة التي إذا أعدت إعداداً جيداً فإن أروع ثمارها يكون رقي مجتمعها وازدهاره.
ولنا في سالف التاريخ من النساء من كان لهن بصمات واضحة، فمنهن من كانت رمزاً للعفاف والقدوة الحسنة، ومنهن من كانت رمزاً للفساد الاخلاقي والقدوة السيئة.
فهذه الزهراء التي لقبها اعظم الخلق ب"أم أبيها" وهي الرمز الأسمى للمحبة وحسن الخلق، وهذه خديجة الكبرى التي بدون عظمة خلقها وتضحياتها الجسام بنفسها ومالها وما تملك لما قام للاسلام قائمة، ومثلهما رمز العفة مريم العذراء المقدسة، وآسية بنت مزاحم وهاجر وراحيل وغيرهن الكثير، ولا انسى هنا فخر النساء زينب الحوراء التي لقبت بكعبة الرزايا لشدة صبرها وثباتها.
وبالجهة الاخرى، فهناك زوجتي النبيين الكريمين نوح ولوط عليهما السلام، وكلتاهما كانتا خارج دائرة الايمان، وهناك التي اغوت قاتل ناقة صالح، وقطام التي اغوت ابن ملجم المرادي لقتل امير المؤمنين وغيرهن الكثير الكثير.
وحين نعكس الكفتين في وطننا الغالي وخصوصاً بعد قيام الثورة المباركة، نرى امثلةً واضحةً في كل جهة، فهناك من النساء من كانت مثلاً للتضحية وهناك من كانت رمزاً للنظام وناطقةً خرساء باسمه. واكتفي بثلاثة امثلة من كل طرف.
فمن نسائهم، نورة آل خليفة، التي يندى الجبين لما قعلته من تعذيب وتنكيل للحرائر. فهي ترى بحجابها عفة نحن لم نمس منها إلا تعذيب الدكتورات وملائكة الرحمة وخيرة نساء الوطن في غياهب السجون، وهو تعذيب لا يستطيع اللسان نطق واقعه لفداحة وشدة وطئته على النفس وخصوصاً اهالي واحباب الاسيرات.
ومن نسائهم، سميرة رجب التي ترى في طاغوت العصر "صدام حسين" رمز للعروبة والاسلام، وتكن من الحقد على اكثر من نصف الشعب مالا يمكن تصوره أبداً. فهي مبدعة التلفيق والكذب الذي لا حدود له لدرجة السذاجة، بحيث يخيل لك انك امام مشهد فيلم هندي او مسلسل مكسيكي لا بداية ولا نهاية له، ولعل واحدة من اجمل كذباتها المضحكة المبكية هي وجود اسلحة مدفونة تحت المساجد والمآتم، وقد حددت بالفعل بعض اسمائهم، ولكننا لا نعلم لماذا هي ما زالت مدفونة بعد كل هذه الجرائم التي ارتكبها النظام، ربما لفيلم حرب العوالم-٢ ان كان توم كروز حياً.
والثالثة منهن، هي الوزيرة فاطمة البلوشي، فهي المرأة الخارقة التي لا تكل ولا تمل، فمن وزارة واحدة، لوزارتين، وما خفي كان اعظم. استلمت وزارة الصحة في افظع الظروف لتدلس بما تريد وتفتري كما تحب، كذباتها لا نهاية له ورغم فضائحها فهي لا تخجل ان تكذب من جديد. ولعل من أشد جرائمها هي اخفائها لحقائق ما حدث بالسلمانية وما ارتكبه درع الجزيرة من جرائم ضد الانسانيه بحق المصابين والكادر الطبي على حدٍ سواء.
وفي المقابل، تقف الدكتوره رولا الصفار بشيب شعرها ووقارها معلماً خالداً ينحني له كل شعب البحرين، نعم فهي وزميلاتها من الممرضات والطبيبات قدمن ما يعجز اللسان عن وصفه، فمن غياهب السجون والتعذيب الذي لا يوصف، للمحاكمات الصورية، لتلفيق التهم اللا اخلاقية، ورغم ذلك صمدت واضربت عن الطعام حتى افرج عنها وما زالت مع الشعب وأماً للجميع رغم كل الجراحات.
ونجمتنا الأخرى، هي المربية الفاضلة جليلة السلمان، فهي من ربت الأجيال وكانت العقل الفاعل والعامل باخلاصٍ وجد في جمعية المعلمين، ورغم كل ما جرى عليها إلا أنها اضربت عن الطعام حتى كادت روحها تزهق لترغمهم على الافراج عنها قبل ان تختطف من منزلها مجدداً قبل ليلتين في الثالثة فجراً بعد كسر الباب من قوات المرتزقة بلا سببٍ يذكر.
ومسك الختام مع بطلة الثورة والتي قدمت أباها وزوجها ونفسها فداءً للوطن وجرحاه وأسراه وشهدائه، إنها المناضلة زينب عبد الهادي الخواجه، فلا توجد عائلة من عوائل الشهداء او الرموز او المصابين إلا وكانت هي من تبلسم جراحهم، تشارك في كل تقارير المصير وتكون لوحدها بالمقدمة وفي خط التماس، وفي يوم الهجوم على المرفأ المالي ١٣-٣-٢٠١١، كانت مرتديةً كفنها وزحفت فوق الجسر لتحريره مع الابطال. وكم من جريحٍ بإصابات خطيرة وحروق مختلفة كانت معه لتداوي جراحه، انها نحلة الثورة التي لا تنام ولا تهدأ وتقدم الوطن وهمه على نفسها وعائلتها، فهنيئاً للبحرين درتها.
هذه نسائنا وهذه نسائكم، فرقٌ شاسع بين من تربت لتبني المجتمع ومن تربت لتزرع الفتنة والارهاب والتعذيب، فأين الثريا من الثرى.
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلبٍ ينقلبون
ليث البحرين١٩-١٠-٢٠١١
شباب بنغازي .. سهم الكرامة
منذ طفولتي، كنت اعتبر ليبيا دولة متخلفة، لا حضارة فيها، لا نور فيها، لا تقدم او علم بها لما أراه من تخلف القذافي والمعلوم عن اِحكام قبضته الحديدية على شعبه.
حتى جاء مغيب يوم ١٦-٢-٢٠١١، كنت متوجهاً لميدان الشهداء وجاء خبر عاجل ان شباب بنغازي سيخرجون في مسيرات للمطالبة بإصلاحات سياسية، نعم لم اصدق هل هذا واقع ام خيال. وللعلم فأنا لا اعرف من ليبيا حينها الا مدينتين هما بنغازي وطرابلس فقط حيث ان الاعلام لا يتحدث عن هذه الدولة المعزولة المنكوبة.
وليلتها خرج اقل من ٢٠٠ شاباً ليبياً ثائراً، كانوا مجانين حسب مقاييس عنف القذافي وعدم تجاوب الناس مع اي تغيير يحدث لوحشية مرتزقته. خرج الشباب وكانوا مودعين لأهلهم ويحملون الورود على خطى الثورات التونسية والمصرية.
وما حدث لهم لا يتحمله عقل، هم لم يقمعوا، لم يعتقلوا، لم يضربوا حتى بالرصاص الحي، فما كان هذا يقنع القذافي ومرتزقته، لقد استخدم جلاوزته مضادات الطائرات لقتلهم فقتل منهم العشرات الذين تمزقت اجسادهم ارباً ارباً بحيث تم تجميعها ودفنها معاً لعدم امكانية التعرف على اصحابها او اعادة تركيبها.
خرج المئات في تشييعهم تحت مراقبة مرتزقة اولاد القذافي القتله، ومن خرج بالتشييع لم يكونوا استشهاديين ولا مسلحين بل كانوا غاضبين وناقمين لفقد احبتهم، ولم يكد ينتهي التشييع حتى تكررت حالة القمع الوحشي بدون مبرر وقتل من ذوي الشهداء العشرات كذلك.
فحدث مالم يكن بالحسبان خلال ٤٨ ساعة من هذه الحادثة، حيث خرج المئات من الشباب والشابات بالشموع والورود ليلاً وكسروا حاجز الخوف ليهتفوا في وسط المدينه بهتاف اسقاط النظام، وما لبثوا ان قمعوا بوحشية اشد من ما مضى، وحينها هجم الشباب الغاضب الذي يرى موته سعادة وشرف في ظل هذا القمع الرهيب، هجموا بصدورهم العارية على الدبابات والمدرعات المليئة بالمرتزقة، هجموا بالمئات وبروح فدائية اسطورية على القتله وواجهوهم وسيطروا على بعض مدراعتهم والكثير من اسلحتهم ورشاشاتهم.
وما هي إلا أيام حتى حرر الثوار الشباب بنغازي بدمهم وكبريائهم بدون تبعية لحزب او تيار او قائد سياسي معين، حرروا مدينتهم بدمهم رغم علمهم انهم ومدينتهم سيدفعون ثمناً غالياً بسبب ثورتهم.
نعم، لقد فعلت بنغازي مالا يمكن تخيله ابداً، تحررت بيدها من قاتلها وقدمت آلاف الشهداء واضعافهم من الجرحى لاسقاط النظام ومنها انطلقت شرارة الثورة التي انتهت باعدام القذافي ومعه اغلب ابنائه ليدفع غالياً ثمن جرائمه.
لم ينفع القذافي سجونه الرهيبة التي تكشفت بعد تحرير ليبيا من نظامه عن عشرات آلاف الاسرى الذين قضى بعضهم اكثر من ٣٠ سنة بالسجن مغيباً مفقوداً عن اهله، لم ينفع القذافي قتله للسيد موسى الصدر والقاء جثته بالبحر واخفاء امره، لم ينفعه مال قارون الذي كدسه لدنياه الفانية ومات بدون ان يستطعمه، لم ينفعه ابداً لقب ملك ملوك افريقيا ولا تغيير اسم وعلم ليبيا ولا كتابه الاخضر، فذهب جرذاً تافهاً ذليلاً مسحوقاً لربه الذي لن يرحمه بعد كل ما اقترفت يداه طوال ٤٢ عاماً.
نعم انها ليبيا عِبرةً للجميع، ويجب ان نستلهم منها درسٌ مفيد، ان الشباب الثائر بالبحرين كما بنغازي هو الذي يملك زمام المبادرة، وهو من يملك مفاتيح التغيير، فلا تعويل على حل سياسي من الجمعيات السياسية المقيدة بالانظمة الظالمة للنظام، ولا تعويل على الساسيين المخضرمين الذين يقرأون الواقع ولا يعيشون الثورة، ولا تعويل أبداً على الخارج فأمريكا هي الشيطان الأكبر الذي يدعم آل خليفة ولا يستطيع حمد ان يحرك ساكناً بدون رأيهم ومشورتهم.
ان تعويلنا بعد الله على شباب وحرائر الثورة الذين يواجهون الموت مع من ليس في قلوبهم رحمة، فشباب ثورتنا هم كنز مدخرٌ لنا للنصر والثبات وبدونهم تضيع التضحيات.
انحني لكم اجلالاً يا اشرف الناس، واقف لتعظيم بطولاتكم وتضحياتكم، بكم سننتصر وبكم سنصل لبر الأمان، فأنتم كما كان شباب بنغازي سهم الكرامة الاصيل الذي سيصيب النظام ويعطل عجلته ويحقق لنا النصر.
وكما قال امير المؤمنين (ع):
فالموت في حياتكم مقهورين
والحياة في موتكم قاهرين
ليث البحرين
٢٢-١٠-٢٠١١
قبيل فعالية سهام الكرامة
احن .. الى خبز أمي
٢٣٠ عاماً وأكثر مرت على احتلال آل خليفة للبحرين، تجرعنا فيها الآهات والظلامات غصةً غصة، لم يراعوا فيها القيم والمبادئ فكانوا عصابةً حاكمةً بكل ما للكلمة من معنى.
لم يرحموا أجدادنا حين دخولهم عنوةً للبحرين، استباحوا كل الحرمات وابادوا بعض القرى او هجروا سكانها ونصبوا لهم ولإتباعهم اربعة مراكز للإحاطة بجزيرة البحرين ومحاصرة الشعب من كل الجهات، فكانت المحرق والبديع والزلاق وعسكر هي نقاط عسكرهم واتباعهم.
وكان بطشهم شديد من تعذيب للرجال وسبي للنساء والاطفال، حيث انهم اطلقوا لقب "حلايل" على أهل البلد الاصليين ليحللوا جرائمهم وخصوصاً سبي النساء، لذلك اضطر الأهالي للتخلي عن حقوقهم وأراضيهم وأملاكهم حفاظاً على الأعراض والشرف، بينما اضطر الآلاف من معدومي الدخل من البحارنة للهجرة هرباً من جرائم آل خليفة لثلاث جهات رئيسية وهي الساحل الغربي للخليج (جنوب العراق والكويت والمنطقة الشرقية) والساحل الشرقي للخليج (الاهواز والمحمره وعبادان) وشرق افريقيا (تنزانيا ومدغشقر)، وما تواجد الجاليات ليومنا الحالي في كل هذه الدول ووجود المساجد والمآتم التي يعود تاريخ بعضها لأكثر من ٢٠٠ عاماً إلا دليلاً حقيقياً على ظليمة هذا الشعب الطيب الصبور.
أما جريمتهم ضد آبائنا بسبعينات القرن الماضي فهي لا تغتفر كذلك، لقد صوت الشعب بسنته وشيعته، بعجمه وعربه على استقلال البحرين وتثبيت حكم آل خليفة بشرط اعطاء الشعب فقط بعض الكرامة بمجلس منتخب جل اعضائه ويملك بعض الصلاحيات، ولكن حتى هذا الحق لم يحتملوه فاوقفوا العمل بالدستور العقدي وعذبوا وانتهكوا وقتلوا وشردوا شرفاء الشعب لا لذنب ولا جرم إلا إنهم يريدون كرامتهم وحريتهم.
ولكن ما فعلوه بنا منذ الرابع عشر من فبراير لهذه اللحظة شئ لا يمكن تخيله، لا يمكن تصوره أو تقبله من أي انسان عاقل، لقد جلبوا جيوش دول اخرى لقمع شعبهم الاعزل، نعم لقد هدموا مساجده واحرقوا كتاب ربهم المنزل، لقد اغتصبوا النساء وبعض العلماء والرموز كذلك، لقد احرقوا الشباب وضربوا وبطحوا الحرائر، تجردوا حتى من اصلولهم فكانوا مثالاً حياً لانحطاط الانظمة العربية وخصوصاً السعودية التي عرتها جرائمها بالبحرين.
طوال هذه الاعوام كان الجرح ينزف والدموع تذرف، دموع الايتام والارامل والثكالى، فكم من مشردٍ وكم من معذب، كم من شهيدٍ سقط تحت التعذيب او بالرصاص او بالسم او بالسيف او تحت حوافر خيولهم، كم من إمرأةٍ عفيفةٍ اغتصبت او تم التحرش بها، هذا هو ديدنهم الذي لن يزول إلا بزوالهم.
لله دركم يا نسائنا، كم صبرتن على الجراحات والبلايا، كم دمعة نزلت حارقة للجفون الذابلة والقلوب الرقيقة، فمنهن من احترق قلبها لولدها الذي يقضي زهرة شبابه بالطوامير ويخرج منها مرضا عضوياً او نفسياً من بشاعة التعذيب، ومنهن من تقاسي غربة ولدها او زوجها بسبب ابعاده او لجوئه السياسي هرباً من بطش من لا يخشى الله، ومنهن من تتقطع إرباً كل لحظة وهي ترى فراش ولدها خالٍ منه، فهو قد توسد الترائب في ريعان شبابه، وما صرخت ام الشهيد علي الشيخ يوم العيد بُعَيد استشهاده الا دليلاً على قلبها المحترق وهي تصرخ تكراراً ومراراً حتى يغمى عليها "جيبوا لي علي، اريد علي، بلبسه ثياب العيد ما لبسها".
ويبقى جرح أسيراتنا هو الجرح الذي نتهرب عن مسؤوليتنا فيه، تركناهن عجزاً في داخل السجون، ومنهن فضيلة التي لديها ابناء يسألون عنها مراراً، ومنهن ريما وهي أم لطفل ذو ثلاثة اعوام، ومنهن جليلة التي تقطع قلب أولادها لفراقها، ولسان حالهم يقول:
احن..
إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي
لكم الله يا أبناء الأسيرات، لكم ربٌ عطوفٌ رحيم سيفرجها عن امهاتكم تلبيةً لدعواتكم ودموعكم وأنين قلوبكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.
http://www.youtube.com/watch?v=S_uG0XaJLT8&feature=youtube_gdata_player
ليث البحرين
٢٥-١٠-٢٠١١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق