احن .. الى خبز أمي


٢٣٠ عاماً وأكثر مرت على احتلال آل خليفة للبحرين، تجرعنا فيها الآهات والظلامات غصةً غصة، لم يراعوا فيها القيم والمبادئ فكانوا عصابةً حاكمةً بكل ما للكلمة من معنى.

لم يرحموا أجدادنا حين دخولهم عنوةً للبحرين، استباحوا كل الحرمات وابادوا بعض القرى او هجروا سكانها ونصبوا لهم ولإتباعهم اربعة مراكز للإحاطة بجزيرة البحرين ومحاصرة الشعب من كل الجهات، فكانت المحرق والبديع والزلاق وعسكر هي نقاط عسكرهم واتباعهم.

وكان بطشهم شديد من تعذيب للرجال وسبي للنساء والاطفال، حيث انهم اطلقوا لقب  "حلايل" على أهل البلد الاصليين ليحللوا جرائمهم وخصوصاً سبي النساء، لذلك اضطر الأهالي للتخلي عن حقوقهم وأراضيهم وأملاكهم حفاظاً على الأعراض والشرف، بينما اضطر الآلاف من معدومي الدخل من البحارنة للهجرة هرباً من جرائم آل خليفة لثلاث جهات رئيسية وهي الساحل الغربي للخليج (جنوب العراق والكويت والمنطقة الشرقية) والساحل الشرقي للخليج (الاهواز والمحمره وعبادان) وشرق افريقيا (تنزانيا ومدغشقر)، وما تواجد الجاليات ليومنا الحالي في كل هذه الدول ووجود المساجد والمآتم التي يعود تاريخ بعضها لأكثر من ٢٠٠ عاماً إلا دليلاً حقيقياً على ظليمة هذا الشعب الطيب الصبور.

أما جريمتهم ضد آبائنا بسبعينات القرن الماضي فهي لا تغتفر كذلك، لقد صوت الشعب بسنته وشيعته، بعجمه وعربه على استقلال البحرين وتثبيت حكم آل خليفة بشرط اعطاء الشعب فقط بعض الكرامة بمجلس منتخب جل اعضائه ويملك بعض الصلاحيات، ولكن حتى هذا الحق لم يحتملوه فاوقفوا العمل بالدستور العقدي وعذبوا وانتهكوا وقتلوا وشردوا شرفاء الشعب لا لذنب ولا جرم إلا إنهم يريدون كرامتهم وحريتهم.

ولكن ما فعلوه بنا منذ الرابع عشر من فبراير لهذه اللحظة شئ لا يمكن تخيله، لا يمكن تصوره أو تقبله من أي انسان عاقل، لقد جلبوا جيوش دول اخرى لقمع شعبهم الاعزل، نعم لقد هدموا مساجده واحرقوا كتاب ربهم المنزل، لقد اغتصبوا النساء وبعض العلماء والرموز كذلك، لقد احرقوا الشباب وضربوا وبطحوا الحرائر، تجردوا حتى من اصلولهم فكانوا مثالاً حياً لانحطاط الانظمة العربية وخصوصاً السعودية التي عرتها جرائمها بالبحرين.

طوال هذه الاعوام كان الجرح ينزف والدموع تذرف، دموع الايتام والارامل والثكالى، فكم من مشردٍ وكم من معذب، كم من شهيدٍ سقط تحت التعذيب او بالرصاص او بالسم او بالسيف او تحت حوافر خيولهم، كم من إمرأةٍ عفيفةٍ اغتصبت او تم التحرش بها، هذا هو ديدنهم الذي لن يزول إلا بزوالهم.

لله دركم يا نسائنا، كم صبرتن على الجراحات والبلايا، كم دمعة نزلت حارقة للجفون الذابلة والقلوب الرقيقة، فمنهن من احترق قلبها لولدها الذي يقضي زهرة شبابه بالطوامير ويخرج منها مرضا عضوياً او نفسياً من بشاعة التعذيب، ومنهن من تقاسي غربة ولدها او زوجها بسبب ابعاده او لجوئه السياسي هرباً من بطش من لا يخشى الله، ومنهن من تتقطع إرباً كل لحظة وهي ترى فراش ولدها خالٍ منه، فهو قد توسد الترائب في ريعان شبابه، وما صرخت ام الشهيد علي الشيخ يوم العيد بُعَيد استشهاده الا دليلاً على قلبها المحترق وهي تصرخ تكراراً ومراراً حتى يغمى عليها "جيبوا لي علي، اريد علي، بلبسه ثياب العيد ما لبسها".

ويبقى جرح أسيراتنا هو الجرح الذي نتهرب عن مسؤوليتنا فيه، تركناهن عجزاً في داخل السجون، ومنهن فضيلة التي لديها ابناء يسألون عنها مراراً، ومنهن ريما وهي أم لطفل ذو ثلاثة اعوام، ومنهن جليلة التي تقطع قلب أولادها لفراقها، ولسان حالهم يقول:
احن..
إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي

لكم الله يا أبناء الأسيرات، لكم ربٌ عطوفٌ رحيم سيفرجها عن امهاتكم تلبيةً لدعواتكم ودموعكم وأنين قلوبكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.

http://www.youtube.com/watch?v=S_uG0XaJLT8&feature=youtube_gdata_player

ليث البحرين
٢٥-١٠-٢٠١١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق