الكثير من الجراحات تكالبت على شعبنا بعد اجتياح درع الجزيرة واحتلاله للبحرين. وتميز منها جرائم النظام ووحشية تعذيب جلاديه في حق الثوار.
ومن أكثر فئات المجتمع التي تضررت من التعذيب الممنهج هي العسكريين الأسرى الذين تم استخدام أقصى طاقات رذيلة النظام لكسر هممهم من خلال امتهان كرامتهم.
منهم شهيدنا الهمام عزيز عياد الذي عذب وصعق بالكهرباء ليموت خلف القضبان سراً، وسلمت جثته لذويه بعد أيام من وضعها بالثلاجة وعليها آثار تعذيبهم الذي عُلم أنه تم في سجن القرين العسكري.
ومنهم من عذبوه وأحرقوا جلده وعلقوه واستباحوا حرماته لأنه رفض أن يطلق الرصاص على بني جلدته، رفض أن يكون جلاداً لأبناء شعبه، ورفض أن يشارك زوراً في جرائم النظام.
وعلى رأس ابطالنا العسكريين الأسرى البطل علي الغانمي، الذي أمد الشعب كله بالحياة بعد الخميس الدامي وبعد ضياع البوصلة لساعات كان الانتظار للمعجزات سيد الموقف، جاء علي الغانمي ليقول للجميع لن أكون بعد اليوم جندياً للنظام بل إني سألبس الزي العسكري وأتشرف به لخدمة وطني وشعبي بما يرضي ضميري وربي.
وشارك علي في مسيرات الشعب وألقى احدى الخطب الثورية من على منصة ميدان الشهداء ليسطر ملحمةً جديدةً في نضال شعب البحرين.
كان يعلم علي الغانمي علم اليقين أنه مهدد ليس فقط بالحبس بل بالقتل لأنه كان أول من إلتحق علناً بالثورة من العسكريين، كان يعلم علي أنه إن تم إلقاء القبض عليه فسيعذب تعذيباً خاصاً انتقاماً منه ومن مبادئه ولكنه لم يبالي أبداً في سبيل الحق.
سقط الميدان أسيراً، احتلت البحرين، وقتل من قتل واعتقل من اعتقل وكان منهم علي، عذبوه تعذيباً خاصاً ولم يرحموه ولكنه رغم الجراحات كان صلباً ثابتاً لا تهزه أسياط مرتزقتهم ولا حبسهم الانفرادي.
وجاء يوم ٢٣-٩-٢٠١١ ليكون موعداً سطر فيه علي خلوده مع النخوة والمروؤة والإباء والغيرة، لم يحتمل استفزازات المرتزقة له بما فعله اقرانهم بنساء وحرائر الوطن حتى ثارت حميته وذهب لحرس سجنه يهتف ويصرخ بوجوههم القذرة "يسقط حمد".
لم تنتظر يا علي أمراً سياسياً، لم تنتظر يا علي تحرك الشارع للدفاع عن الأعراض، تحركت لوحدك كبركان غضب للدفاع عن الحرائر رغم أنك تحت رحمة جلاوزتهم وفي قبضة يدهم.
ضربوك، علقوك، عذبوك، جرعوك ألماً مضاعفاً عن ما سبق، وبالأخير في زنزانةٍ ضيقةٍ قذرة رموك، في ظلمةٍ هي أشد من ظلمة القبر ووحشة ووحدة تقتل النفس مهما كانت صابرة محتسبة.
يا علي، لم يبكيني تعذيبهم لك لأني متيقنٌ من صلابتك، لم يبكيني وثبتهم عليك واستفرادهم بك بلا ناصر ولا معين، إنما أبكتني شجاعتك ومروؤتك، عندما هتفت يسقط حمد، هتفتها ولسان حالك يقول أين غيرتكم، أين شهامتكم، أتهان النساء وتلقى كالحيوانات المكبلة على الأرض ولا تحركون لهن ساكناً.
أفجعني بكاءك يا علي في جلسة محاكمتك الأخيرة، فأنت لم تبكي خوفاً ولا هلعاً، ولكن بكيت وأنت ترى بعينيك ما قلته بميدان الشهداء، بكيت للشعب الذي كنت تتمنى أن يصل لجرأتك وشجاعتك لينال حريته ويحافظ على نسائه وحرماته وشعائره.
لا تبكي يا علي، لا تبكي يا أسد الثورة، لا تبكي فإن بكاءك قطع نياط قلب كل حرٍ شريف، لا تبكي فأحرار الوطن إلى تصعيد الثورة سائرون ولا تأخذهم بالله لومة لائم.
لا تبكي يا علي فالغضب للنساء وكل معتقلٍ ومعتقلة ما عاد غضب عجز ونحيب، بل هو غضب اغلاق الشوارع والتصدي للمرتزقة والعملاء في كل حين.
نعاهدك ونعاهد كل حرٍ رغم الاغلال ان نواصل النضال حتى النصر المبين وان طالت ثورتنا لسنين، بك يا علي وبأقرانك ننتصر.
وتذكر كلما تعيش وحدة السجن وظلمته وعذابه انك شمسٌ تضئ درب الثائرين فلا تجزع ولا تبكي .. إن ملكهم وجبروتهم تحت قدميك.
ليث البحرين
٢-١١-٢٠١١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق