صلاة فجر ١٦-٣ يوم احتلال الدوار كنت هناك
كنت مريضاً جداً لدرجة اني لم استطع النوم في خيمتي. بقيت اعاني من المرض بداخل الخيمة حتى قرب وقت الاذان حينها علمت انه وجب التحضر للصلاة.
ذهبت مشياً للمسجد الذي بقرية النعيم بالقرب من مركز شرطتها مع اخوتي واصدقائي وبالكاد كنت احرك قدمي. وصلت لهناك وتوضأت وتهيأت للصلاة وصليت بداخل المسجد.
عندما خرجت من المسجد سمعت النداء الذي فطر قلبي "نداء نداء الرجاء الاخلاء الفوري لجميع النساء"، سألت احد القادمين للصلاة ما الذي يحدث، قال لي ان الجيش السعودي ودرع الجزيرة وصل لوراء السيتي سنتر ويتحضر للهجوم.
لم تكد الشمس تشرق حتى ملأت الباصات وتم اخلاء الدوار من النساء الا بعض المسعفات الفدائيات، بقينا هناك وقد مر علينا قبلها بيوم مجزرة ستره وذهلنا من صورة احمد فرحان التي ما فارقتني تلك الليلة.
في لحظات قدمت ٦ طائرات عمودية حربية وكانت منخفضة جداً لدرجة رؤية طياريها، كل هذا الرعب والارهاب تزامن مع قطع خطوط الهاتف والانترنت، فتحضرنا للمذبحة حينها بقلوب صابرة.
ودعت اخواني واصحابي ورفاقي وداع ميت لن يعود، ودعتهم وكنا نبتسم ونكتم الالم الذي ذرفته دموعنا والقلوب، وبهذه اللحظات العصيبه جاءنا الشيخ الجدحفصي المبجل ومرر فوق رؤوسنا القرآن الكريم فكان كل حدث بعين الله.
مرت دقائق لم نكن نسمع بها الا فرع طبول الدفاع المقدس من الشباب كنا نتلفت يميناً وشمالاً علنا نرى من ينصرنا، قالها اخي بصوتٍ عال: ألا من ناصرٍ ينصرنا، تذكرنا وحدة الحسين، عطش الحسين، غربة الحسين،
فهانت علينا مصائبنا ووحدتنا.
لم تمض ١٠ دقائق ومع طلوع الشمس وقعت الجريمة وهجم المرتزقة، وكان الجيش من خلفهم هو الجيش السعودي بأعلامه وعتاده، صمدنا لما يقارب ال ٣٠ دقيقة في الميدان حتى كاد ان يغمى علي فاسعفني اخي واخذني لسيارته المتوقفه عند اسواق المنتزه.
اثناء دخول سيارت اخي راينا احد الشباب متشنج الاطراف من غاز الاعصاب اركبه اخي واوصلني لسيارتي في طريقه، بسبب قطع الاتصالات لم اعلم بمصير اخي الاكبر ولا اولاد العمومة ولا من كان معي بخيمتي
بقيت مشتت الافكار.
قررت اخذ المصابين بسيارتي وايصالهم للسلمانيه فذهبت لداخل الدوار، كنت ارى الشغب وهم يطلقون النار على الشباب بعيني، ركب معي اثنان احدهما مختنق والاخر مصاب بسلاح الشوزن وينزف دماً وطرت بسيارتي باتجاه السلمانيه.
لم يألمني احتلال الدوار، لم يفجعني القمع الوحشي، ولكن ماكسر قلبي هو ما سمعته عند اشارات القفول، لقد احتلت السلمانية.
اي حثالة هي التي تحكمنا تلك وهي التي تحتل المستشفيات، واللهِ لم اصدق كلام الشباب وخصوصاً عندي مصاب ينزف دماً، ذهبت للسلمانية وانا احدث نفسي انها مجرد اشاعات فآل خليفة ليسوا بهذه الدنائة
حتى صعقت بالحقيقة المرة.
رأيت مئات المرتزقة واقفة بالقرب من جامع الصادق وبيدها الاسلحة، رأيتهم وهم يضربون مسعفاً بكل وحشية امامي. اوقفت سيارتي في منتصف اشارات الحواج، لا استطيع فعل شئ ابداً، لدي مصابان - عائلتي مشتته - ومسعفٌ يعذب امامي.
نبهني طرق احد الشباب على نافذة سيارتي وهو يقول: خوك تحرك تبغيهم يدبحونك، ناقصين احنا !!
اقترح الاخ ان اوصلهم لمستشفى البلاد القديم فذهبت له وبالطريق اوقفني الشباب واخبروني انه تم احتلاله وجدحفص كذلك، عندها طلب الاخوان مني انزال الجريحين في منطقة البلاد لجلب طبيب لهم حيث ان الجيش قطع كل الطرق المحيطة بالمنطقة، تم انزال المصابين في احد المنازل ريثما يتم علاجهما وتحركت قاصداً بيت اختي لكي تقر عينها برؤيتي وتهدأ هواجسها.
وصلت لبيتها بعد مروري بنقطة تفتيش للجيش السعودي وما حصلته من اهانات هناك يندى لها الجبين، فتح زوج اختي الباب مذعوراً
لكن انهمرت عيناه بالدموع واحتضنني حين رآني وسألني عن باقي اهلي فاخبرته بقطع الاتصالات، ولما دخلت البيت هرولت نحوي اختي وحضنتني وهي تصرخ بحرقةٍ والم: يا زينب ... كررتها حتى بح صوتها من الشجن.
هذا فيض من غيض ونقطة في بحر العذابات التي عاشها شعبي منذ دخول درع الجزيرة للبحرين احببت ان اشارككم اياه. هذا بعض ما تذكرته الان وانا ذاهبٌ لتحرير الميدان.
اللهم تقبل منا وثبتنا وانصرنا على القوم الظالمين
ليث البحرين
٢٣-٩-٢٠١١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق