ثورة الرابع عشر من فبراير، ثورة الورود، هي ثورة شعب البحرين كل البحرين. هي ثورة العلماء والحكماء وعامة الشعب، وهي ثورة المهندسين والأطباء والمدرسين والرياضيين والحرفيين وكل فئات المجتمع، هي ثورة العرب والعجم، ثورة الشيعة والسنة، ثورة المتدينين والعلمانيين، هي ثورة لخصت واقع وتنوع ثقافات شعب البحرين.
وكل من شارك بها، بجزيئاتها وكليتها، ببحرها وبرها، بحلوها ومرها، كان صادقاً مع نفسه حين قام بعملٍ معينٍ لدعمها وترسيخ جذورها بالمجتمع. فترى الاغنياء لا يتوانون عن مد يد العون للمحتاجين من أحرار الشعب الذين فقدوا معيلهم شهيداً أو أسيراً أو جريحاً. وترى الطبيب الذي هاجر لبلاد الغربة وعاش وطراً من عمره مغترباً يضحي بكل ما يملك لينقذ جريحاً هنا وجريحاً هناك. وغيرها من الأمثلة الكثير.
لن نفسر النوايا ولن نتكلم عن خبايا الأنفس فعلمها عند ربي، ولابد من وجود بعض الانتهازيين والمتسلقين وهي حال كل الحركات والثورات على مر التاريخ، ولكن بظاهر الامور نحكم بصدق واخلاص كل من شارك وضحى بجزأ من وقته او صحته او ماله للمشاركة الفعالة في انجاح الثورة ولو بمرحلةٍ من مراحلها فقط.
ولكن ليسمح لي الجميع، ليسمح لي الرموز والسياسيين والأطباء والمدرسين والرياضيين وكل من ساهم في الثورة، ليسمحوا لي ان أقول من هم أصدق الصادقين، إنهم شباب الميدان، إنهم فرسان النزال الذين أغلقوا شوارع البحرين الرئيسية.
حين يعلم المرأ انه ان اعتقل بتنفيذ هذه المهمة فإنه سوف يعذب، سوف يعلق، وقد يغتصب ولن يذكره احد، لن يكون إلا رقماً جديداً مضافاً للمعتقلين، ولن يدافع عنه العالم فهو ليس برمز ولا طبيب ولا رياضي ولا مدرس، هو مجرد فتى او شاب اغلق الشارع ليقول للعالم وللشعب كفاكم تجاهلاً لنا، ورغم كل هذه المخاطر يخرج هذا الشاب للشارع ويغلقه وهو يعلم انه قد يواجه سيارة أحد البلطجية ويتم دهسه، أنه قد يواجه احد المرتزقة المدنيين ويطلق عليه النار ويرديه قتيلاً او جريحاً، انه قد يواجه الاعتقال ويعذب بوحشية لا نظير لها ولن ينصره احد.
أي رجولة هي رجولتكم، أي بطولة هي بطولتكم، أي مدرسة عظيمة للنضال أنتم. أنتم أمل أمهات الشهداء ابتداءً من علي مشيمع وحتى أحمد القطان، أنتم الوعد الصادق، بكم تعزف اهزوجة الكرامة لتهب بنسيمها العليل على الأرواح المتهالكة فتنعشها وتحيل جديب الضمير حياً من جديد.
يا أشرف الناس وتاج الرأس، لا تتراجعوا قيد أنملة عن مطلب تقرير المصير، واصلوا اغلاق الشوارع، اعلنوها مدوية في كل ارجاء الوطن، اعلنوا مطالبكم المحقة للعالم اجمع: نحن شعبٌ مسالمٌ يريد ان يعيش بحرية وعدالة ومساواة فلا امن ولا استقرار على حساب حقوقنا وكرامتنا بعد اليوم.
سننتصر بكم يا جنودنا المجهولون بالارض المعروفون بالسماء، سننتصر بإبائكم وصمودكم وثباتكم وصبركم على الجراحات، فأنتم الصدق في أروع تجلياته، وانتم فلك الضياء الذي يشرق لغد البحرين الجميل.
طبتم وطابت الارض التي فيها ولدتم، طبتم ودمتم عزاً وفخراً وذخراً للبحرين وكل احرار العالم. إن النصر معقودٌ لكم، فما النصر إلا من عند الله الرحيم الذي يلطف بعباده ويهديهم صراطه المستقيم، فطوبى لكم ثباتكم وهنيئاً للبحرين خيرة شبابها وحماة مستقبلها.
ليث البحرين
١٤-١١-٢٠١١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق