قاوم .. فيداك الإعصار


١٣ مارس ٢٠١١، أعظم أيام ميدان الشهداء، يوم الكرامة، يوم الحرية، ويوم سطرنا كشعب ثائر ملحمة الصمود الحقيقي، يوم ترجمنا كل شعارات الثورة لحقيقة واقعة في درب البحث عن الحرية المسلوبة منذ مئات السنين.

فجر ذلك اليوم هجم مرتزقة النظام على بضعة عشرات من الشبان المعتصمين أمام المرفأ المالي، وقد حاصر المئات من قوات شرطة المجتمع الخيام القليلة المتناثرة أمام المرفأ، الذي يملكه خليفة بن سلمان بمبلغ تدمع له العين وهو دينار بحريني واحد، في واحدة من مهازل النظام اللا محدودة.

قوات شرطة المجتمع لم تكن مسلحة ولكنها مدعومة بالآلاف من مرتزقة الشغب الذين كانوا مدججين بالأسلحة ومستعدين للتدخل السريع في حالة رفض الشباب الانسحاب من أمام المرفأ المالي، وحصلت مشادة حادة جداً بين أحد كبار الضباط والشباب المعتصمين سلمياً وهددهم خلالها بالضرب بيد من حديد في حالة اصرارهم على البقاء، وكلها لحظات وانفجر الموقف وتم ضرب الشبان الذي دافعوا عن أنفسهم بكل ما أوتوا من قوة ليتقهقهر المرتزقة بصمود الثوار ومعهم كل من جاء لقمعهم.

وما هي إلا دقائق ليرتب المرتزقة صفوفهم ويهجمون بوحشية رهيبة جداً لا يمكن أن ينساها من تواجد صباح يوم ١٣ مارس ٢٠١١، لقد استخدموا سلاح غريب لم يستخدم إلا نادراً طوال فترة الثورة وهو سلاح غازات الأعصاب، التي سقط بسببها مئات الشباب متشنجين لساعات وملئوا جنبات مستشفى السلمانية، ومن أصيب بهذه الغازات بقي عاجزاً عن الحركة أو الصراخ طوال فترة اصابته في منظر بشع هز وجدان كل من شاهده وحضره وشهد عليه.

ونتيجة لإستخدام القمع المفرط وغازات الأعصاب والغازات السامة استطاع مرتزقة النظام السيطرة على ساحة المرفأ المالي واحتلال جسر الشهداء المطل على الميدان "دوار اللؤلؤة"، وقد تم استجلاب الآلاف منهم استعداداً لإحتلال الدوار.

هنا حدث أمران، الأول انتشار خبر الهجوم والسيطرة على المرفأ المالي بكل وسائل الاتصال بسرعة البرق مما أدى لخروج الآلاف من وظائفهم والتوجه للميدان طوعاً واختياراً دفاعاً عن أرضهم المقدسة. الأمر الثاني كان الصمود الشعبي التاريخي للقلة التي كانت نائمة في ميدان الشهداء وكان عددهم لا يتجاوز الألف ثائر فقط ليس معهم ما يدافعون به عن أنفسهم. لقد صمدوا وانتظروا لوحدهم بالميدان مواجهين الأسلحة الفتاكة بصبر وتطلع لتوافد الأبطال من كل البحرين لنصرتهم، وخلال نصف ساعة وصل عشرات الآلاف من الأبطال نساءً ورجال، أطفال وشبان وشيوخ، أتوا حباً وطوعاً وفداءً للوطن بالدفاع عن ميدانهم الأعز، فكان لهم ما أرادوا.

بين كرٍ وفر، وصمود منقطع النظير، وثبات للشباب الثوري في وجه المرتزقة وتسلقهم للجسر وإلتحامهم المباشر مع قوات الإرهاب الخليفي استطاع الأحرار ردع المرتزقة الذي حاولوا لأكثر من ٦ مرات النزول للميدان وفشلوا فشلاً ذريعاً في كل مرة، حتى جاء للميدان شيخه وهتف من على المنصة "الميدان خطٌ أحمر"، إنه الشيخ محمد حبيب المقداد وهل يخفى القمر.

كانت الساعة تشير للعاشرة والنصف صباحاً حينما أعطى الشيخ المقداد إنذاراً شديد اللهجة، إما أن ينسحب المرتزقة من فوق الجسر أو أن يقوم الثوار بتحريره بأجسادهم العارية، ومرت الدقائق والثواني بطيئة ونحن بإنتظار لحظة الثورة الكبرى، وقبل أن تحين بخمس دقائق انفجر بركان الغضب، لقد هرول الآلاف مقدمين أرواحهم على أكفهم متجهين للقتلة فوق الجسر مؤتزرين سلاح الإيمان بالمدد الرباني والرعاية الإلهية لثورتهم، لقد تم تحرير الجسر خلال ٣ دقائق فقط ولم نكتفي بذلك، طاردناهم جرياً من فوق جسر ميدان الشهداء وصولاً لتقاطع السيف ومجمع البحرين واستمرت المواجهات حتى صلاة الظهر حيث انسحب المرتزقة تماماً وفرض الثوار سيطرتهم الكلية على الميدان وساحة المرفأ المالي.

حينها سقط النظام عملياً، هوى في قعر فشل حلوله الأمنية ولم يعد له ورقة يلعب بها بعد أوراق انزال البلطجية والجيش والمرتزقة، فلجأ لإدخال جيوش أجنبية للبحرين بائعاً لحريتها من أجل أن يستمر القتلة بحكمهم ولو تحت رحمة الاحتلال السعودي ومباركة الإدارة الأمريكية لكل الجرائم التي حدثت تباعاً من مجزرة سترة واحتلال ميدان الشهداء وقتل الأنفس التي حرم الله قتلها وهدم المساجد وإحراق المصاحف.

لذلك كان يوم ١٣ مارس يوماً تاريخياً بكل المعاني، هو يوم انتصر به الشعب على نفسه وحطم جبروت حكامه وهيبتهم للأبد، وهو نفس يوم دخول قوات درع الجزيرة بقيادة الجيش السعودي لإحتلال البحرين والتحكم بإرادة شعبها.

فيا شعبي الأبي، ها قد مر عامٌ على هذه الذكرى فاصنعوا منها بركاناً ثانياً ملتهباً يسقط النظام للأبد، تحت راية الحق انفجروا حمماً لا تهدأ، قاوموهم بدمائكم وجماجمكم، فالموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين.

قاوموا، نعم قاوموا الاحتلال، فالشعوب تتحرر بالمقاومة لا بالحوار، لا تتنازلوا بعد كل هذه الجراحات لمن أذاقكم العلقم والذل بأبشع صوره الممكنة، قاوموا بقبضاتكم الثائرة وأحرقوا مراكز تعذيبهم وكل ما يرمز لوحشيتهم وتغطرسهم، قاوموا من أجل البحرين، قاوموا قاوموا قاوموا، قاوموا فيداكم الإعصار الذي سيدمر الاحتلال ويعيد البحرين لأهلها.

قاوم فيداك الإعصارُ
لا تخضع فالذل دمارُ
وتمسك بالحق فإن الحق سلاحك مهما جاروا

قاوم فيداك الإعصارُ
وتقدم فالنصر قرارُ
إن حياتك وقفة عزٍ تتغير فيها الأقدارُ

http://t.co/AcXFH8j

ليث البحرين
١٢-٣-٢٠١٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق