حديث القيود
يُحكى أن في العصور الوسطى المظلمة في أوروبا، حيث كان التحالف الكنسي مع أنظمة الحكم السبب الرئيسي في تخلف وعذاب شعوب القارة العجوز، تم انتهاك الاعراض وقتل عشرات الآلاف وكثير منهم قتلوا حرقاً فقط لمطالبتهم بأبسط مقومات الحياة ألا وهي الطعام والشراب والسكن المتواضع للمبيت فيه.
ورغم أن المطالب عادلة جداً وليس لها ضرر على نظام الحكم أو الكنيسة صاحبة اليد الطولى في أوروبا آنذاك، ورغم عدم ارتفاع السقف في المطلب من الأمور المعيشية لمطالب سياسية تحررية، فقد جوبهت مطالب الشعوب الاوروبية بالحديد والنار، فقتل من قتل وسبي من سبي وعذب من عذب، وتم تدمير بلدات كاملة في سبيل قمع أي حركة تمرد تطالب بحق الانسان في الحياة الكريمة.
واقع الأمر أن سبب حملات القتل الجماعي والتعذيب المبرمج ضد شعوب تلك القارة في تلك الحقبة المعتمة هو خوف السلطة وخصوصاً طرفها الديني المتمثل في خط الكنيسة التي استعبدت الناس لمئات السنين من أن تتحول المطالب المعيشية لمطالب حقوقية ترفع الغطاء عن تحالف النظام مع النخبة الدينية ضد الشعوب، فمطلب الطعام والسكن قد يتبع بمطلب خطير وهو المعرفة، وهذا ما لا تريده الكنيسة حيث أن العلم سيفتح طلاسم الغيبيات الدينية التي تم استعباد الناس بسببها.
ولكن ما نفع الظلم والتعذيب والتهجير والاغتصاب أبداً، فكما قال المسيح عليه السلام أن ما كنتم تخافون الهمس به بالظلام سيأتي يوم تنطقون به في العلن في وضح النهار، وهذا ما تم خصوصاً بعد انتصار الثورة الفرنسية وبداية عصر الصناعة مروراً بالحربين العالميتين في القرن العشرين والتي أنهت سيطرة النظم التقليدية المجرمة ومعها تسلط الكنائس على رقاب الناس الطامحة للحرية والعيش الكريم.
ونفس المنطق يتم تكراره الآن بطريقة أو بأخرى، فترى الأنظمة والأحزاب إن أفلست استخدمت ورقة الدين ليكون حصنها الحصين في مواجهة مخالفيها تحت شعار التكليف الشرعي وهو شعار فضفاض لا إطار عام واضح لتبيان معانيه، فما كان في القرون الوسطى في أوروبا انتقل لنا في القرن ٢١ ميلادياً، فترى من يدافع عن نظام آل خليفة الذي هدم المساجد وأحرق المصاحف هو اسلامي سني وكذلك من يدافع عن نظام الحكم السوري الذي أباد الحرث والنسل هو اسلامي شيعي.
فما زالت القيود الفكرية والعقدية مهيمنة على شعوب المنطقة، وهو واقع مر تعاني منه منطقتنا بشكل جلي ناهيك عن تسلط الأنظمة العربية والإسلامية تحت شعار الإستهداف من الإمبريالية الأمريكية، لدرجة استغفال قطاعات واسعة بمسميات الطائفة والدفاع عنها.
وما حصل ويحدث بالبحرين الجريحة ليس ببعيد عن هذا الواقع، فقد تم هدم مساجد الله وإحراق قرآنه واستباحة الحرمات وتعذيب الرجال واغتصاب النساء تحت شعار الدفاع عن أهل السنة والجماعة ومع الأسف صدق هذه الكذبة الكثيرون، وما يؤلم القلب ويقطع نياطه أن يصدق الكثير بسبب تبعيتهم للطائفية العمياء لأكذوبة التحالف الشيعي الأمريكي الصهيوني ضدهم، وكيف يكون ذلك والبحرين تحت الإشراف الأمريكي المباشر وتعتبر مركز الدعارة بالخليج وبها أكبر إسطول بحري أمريكي بالعالم خارج أراضي الولايات المتحدة.
ورغم ذلك نقول أن واقع التاريخ وسنة الله في أرضه هي التغيير الدائم، فما كنا نخاف قوله بالسر صرنا نقوله بالعلن رغم العذابات والجراحات الكبرى التي تشربناها بصبر وصمود قل نظيرهما، فالشهداء والأسرى والجرحى هم نبراسنا الذي نمضي بدربه بثبات نحو النصر الإلهي ولو بعد حين.
وما عذابات الرموز وإهانتهم وإذلالهم واغتصاب بعضهم إلا نصر مؤزر سيخلده التاريخ إلى يوم يبعثون، فما سرده أحد مفجري الثورة وقائد أولى مسيراتها يوم ١٤-٢-٢٠١١ الأستاذ عبد الوهاب حسين من عذابات يندى لها الجبين ليس إلا النصر بذاته، فكيف برجل تم تعريته والتحرش به لأيام طوال بحيث منع عنه قضاء حاجته إلا أمام جلاديه وكانوا يومياً كانوا يبصقون في فمه ويجبرونه على بلع قذاراتهم ورغم ذلك يقف ليسرد هذه العذابات غصة ً غصة ويخاطب قاضي محكمة النظام الخليفية ليحاكم من سجنه وعذبه ويهتف بثبات وصبر وحكمة ويكرر ما صرح به في ميدان الشهداء إنه مع الشعب في حق تقرير المصير واختيار النظام الأنسب ليحكمه سواء جمهورية أو غيرها، فبالله عليكم هل يوجد شعب لديه قائد تاريخي كالأستاذ عبد الوهاب حسين يمكن هزيمته أو إذلاله أو كسر إرادته؟
(لا تبكي يا عبد الهادي الخواجة فأنت المنتصر وهم المهزومون)، هذا لسان حال شعبنا وهو يسمع تفاصيل الاعتداءات الجنسية الإجرامية التي تعرض لها عبد الهادي الخواجة وهو يتعذب في السجون الخليفية لمطالبته بالحرية والعدالة وحقوق الشعب المسلوبة، ورغم كل ما جرى عليه هزم الخواجة النظام بإضراب أسطوري عن الطعام تجاوز المئة يوم وما زال مستمراً فيه حتى الحرية أو الشهادة.
لا تنحني يا شعبي لما سمعت من عذابات رموزك وعلمائك، فتضحياتهم وصبرهم الذي تزول دونه الجبال الرواسي هو مفتاح نصرنا القادم، اجعلوا رؤوسكم عالية فرموزكم هزموا أسوأ أنواع التعذيب والترهيب بإرادة فولاذية صلبة لا مثيل لها، هي إرادة الإيمان بالله والإيمان بكرامة بني آدم، فما خُلقنا لنكون عبيداً لأحد غير خالقنا ولن نكون عبيداً لغيره ما حيينا، والطاعة لله ورسوله ولمن يضحي قولاً وعملاً في سبيل مبادئه هي السعادة التي نرنو لها، فما زلنا منتصرين رغم الجراحات وسنبقى منتصرين رغم العذابات، فالقيد مصيره أن ينكسر والحق لابد له أن ينتصر.
ليث البحرين
٢٣-٥-٢٠١٢
يُحكى أن في العصور الوسطى المظلمة في أوروبا، حيث كان التحالف الكنسي مع أنظمة الحكم السبب الرئيسي في تخلف وعذاب شعوب القارة العجوز، تم انتهاك الاعراض وقتل عشرات الآلاف وكثير منهم قتلوا حرقاً فقط لمطالبتهم بأبسط مقومات الحياة ألا وهي الطعام والشراب والسكن المتواضع للمبيت فيه.
ورغم أن المطالب عادلة جداً وليس لها ضرر على نظام الحكم أو الكنيسة صاحبة اليد الطولى في أوروبا آنذاك، ورغم عدم ارتفاع السقف في المطلب من الأمور المعيشية لمطالب سياسية تحررية، فقد جوبهت مطالب الشعوب الاوروبية بالحديد والنار، فقتل من قتل وسبي من سبي وعذب من عذب، وتم تدمير بلدات كاملة في سبيل قمع أي حركة تمرد تطالب بحق الانسان في الحياة الكريمة.
واقع الأمر أن سبب حملات القتل الجماعي والتعذيب المبرمج ضد شعوب تلك القارة في تلك الحقبة المعتمة هو خوف السلطة وخصوصاً طرفها الديني المتمثل في خط الكنيسة التي استعبدت الناس لمئات السنين من أن تتحول المطالب المعيشية لمطالب حقوقية ترفع الغطاء عن تحالف النظام مع النخبة الدينية ضد الشعوب، فمطلب الطعام والسكن قد يتبع بمطلب خطير وهو المعرفة، وهذا ما لا تريده الكنيسة حيث أن العلم سيفتح طلاسم الغيبيات الدينية التي تم استعباد الناس بسببها.
ولكن ما نفع الظلم والتعذيب والتهجير والاغتصاب أبداً، فكما قال المسيح عليه السلام أن ما كنتم تخافون الهمس به بالظلام سيأتي يوم تنطقون به في العلن في وضح النهار، وهذا ما تم خصوصاً بعد انتصار الثورة الفرنسية وبداية عصر الصناعة مروراً بالحربين العالميتين في القرن العشرين والتي أنهت سيطرة النظم التقليدية المجرمة ومعها تسلط الكنائس على رقاب الناس الطامحة للحرية والعيش الكريم.
ونفس المنطق يتم تكراره الآن بطريقة أو بأخرى، فترى الأنظمة والأحزاب إن أفلست استخدمت ورقة الدين ليكون حصنها الحصين في مواجهة مخالفيها تحت شعار التكليف الشرعي وهو شعار فضفاض لا إطار عام واضح لتبيان معانيه، فما كان في القرون الوسطى في أوروبا انتقل لنا في القرن ٢١ ميلادياً، فترى من يدافع عن نظام آل خليفة الذي هدم المساجد وأحرق المصاحف هو اسلامي سني وكذلك من يدافع عن نظام الحكم السوري الذي أباد الحرث والنسل هو اسلامي شيعي.
فما زالت القيود الفكرية والعقدية مهيمنة على شعوب المنطقة، وهو واقع مر تعاني منه منطقتنا بشكل جلي ناهيك عن تسلط الأنظمة العربية والإسلامية تحت شعار الإستهداف من الإمبريالية الأمريكية، لدرجة استغفال قطاعات واسعة بمسميات الطائفة والدفاع عنها.
وما حصل ويحدث بالبحرين الجريحة ليس ببعيد عن هذا الواقع، فقد تم هدم مساجد الله وإحراق قرآنه واستباحة الحرمات وتعذيب الرجال واغتصاب النساء تحت شعار الدفاع عن أهل السنة والجماعة ومع الأسف صدق هذه الكذبة الكثيرون، وما يؤلم القلب ويقطع نياطه أن يصدق الكثير بسبب تبعيتهم للطائفية العمياء لأكذوبة التحالف الشيعي الأمريكي الصهيوني ضدهم، وكيف يكون ذلك والبحرين تحت الإشراف الأمريكي المباشر وتعتبر مركز الدعارة بالخليج وبها أكبر إسطول بحري أمريكي بالعالم خارج أراضي الولايات المتحدة.
ورغم ذلك نقول أن واقع التاريخ وسنة الله في أرضه هي التغيير الدائم، فما كنا نخاف قوله بالسر صرنا نقوله بالعلن رغم العذابات والجراحات الكبرى التي تشربناها بصبر وصمود قل نظيرهما، فالشهداء والأسرى والجرحى هم نبراسنا الذي نمضي بدربه بثبات نحو النصر الإلهي ولو بعد حين.
وما عذابات الرموز وإهانتهم وإذلالهم واغتصاب بعضهم إلا نصر مؤزر سيخلده التاريخ إلى يوم يبعثون، فما سرده أحد مفجري الثورة وقائد أولى مسيراتها يوم ١٤-٢-٢٠١١ الأستاذ عبد الوهاب حسين من عذابات يندى لها الجبين ليس إلا النصر بذاته، فكيف برجل تم تعريته والتحرش به لأيام طوال بحيث منع عنه قضاء حاجته إلا أمام جلاديه وكانوا يومياً كانوا يبصقون في فمه ويجبرونه على بلع قذاراتهم ورغم ذلك يقف ليسرد هذه العذابات غصة ً غصة ويخاطب قاضي محكمة النظام الخليفية ليحاكم من سجنه وعذبه ويهتف بثبات وصبر وحكمة ويكرر ما صرح به في ميدان الشهداء إنه مع الشعب في حق تقرير المصير واختيار النظام الأنسب ليحكمه سواء جمهورية أو غيرها، فبالله عليكم هل يوجد شعب لديه قائد تاريخي كالأستاذ عبد الوهاب حسين يمكن هزيمته أو إذلاله أو كسر إرادته؟
(لا تبكي يا عبد الهادي الخواجة فأنت المنتصر وهم المهزومون)، هذا لسان حال شعبنا وهو يسمع تفاصيل الاعتداءات الجنسية الإجرامية التي تعرض لها عبد الهادي الخواجة وهو يتعذب في السجون الخليفية لمطالبته بالحرية والعدالة وحقوق الشعب المسلوبة، ورغم كل ما جرى عليه هزم الخواجة النظام بإضراب أسطوري عن الطعام تجاوز المئة يوم وما زال مستمراً فيه حتى الحرية أو الشهادة.
لا تنحني يا شعبي لما سمعت من عذابات رموزك وعلمائك، فتضحياتهم وصبرهم الذي تزول دونه الجبال الرواسي هو مفتاح نصرنا القادم، اجعلوا رؤوسكم عالية فرموزكم هزموا أسوأ أنواع التعذيب والترهيب بإرادة فولاذية صلبة لا مثيل لها، هي إرادة الإيمان بالله والإيمان بكرامة بني آدم، فما خُلقنا لنكون عبيداً لأحد غير خالقنا ولن نكون عبيداً لغيره ما حيينا، والطاعة لله ورسوله ولمن يضحي قولاً وعملاً في سبيل مبادئه هي السعادة التي نرنو لها، فما زلنا منتصرين رغم الجراحات وسنبقى منتصرين رغم العذابات، فالقيد مصيره أن ينكسر والحق لابد له أن ينتصر.
ليث البحرين
٢٣-٥-٢٠١٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق