نسائنا ونسائكم


إنها من قدمها الرسول بمقامها في الأسرة على الرجل، وهي نصف المجتمع الذي يلد ويربي النصف الآخر، هي الروعة في أرقى تجلياتها وصورها.

هي المرأة، هي الأم الحنون، هي الأخت المضحية، هي الزوجة المحبة، هي الابنة المخلصة، وهي المدرسة التي إذا أعدت إعداداً جيداً فإن أروع ثمارها يكون رقي مجتمعها وازدهاره.

ولنا في سالف التاريخ من النساء من كان لهن بصمات واضحة، فمنهن من كانت رمزاً للعفاف والقدوة الحسنة، ومنهن من كانت رمزاً للفساد الاخلاقي والقدوة السيئة.

فهذه الزهراء التي لقبها اعظم الخلق ب"أم أبيها" وهي الرمز الأسمى للمحبة وحسن الخلق، وهذه خديجة الكبرى التي بدون عظمة خلقها وتضحياتها الجسام بنفسها ومالها وما تملك لما قام للاسلام قائمة، ومثلهما رمز العفة مريم العذراء المقدسة، وآسية بنت مزاحم وهاجر وراحيل وغيرهن الكثير، ولا انسى هنا فخر النساء زينب الحوراء التي لقبت بكعبة الرزايا لشدة صبرها وثباتها.

وبالجهة الاخرى، فهناك زوجتي النبيين الكريمين نوح ولوط عليهما السلام، وكلتاهما كانتا خارج دائرة الايمان، وهناك التي اغوت قاتل ناقة صالح، وقطام التي اغوت ابن ملجم المرادي لقتل امير المؤمنين وغيرهن الكثير الكثير.

وحين نعكس الكفتين في وطننا الغالي وخصوصاً بعد قيام الثورة المباركة، نرى امثلةً واضحةً في كل جهة، فهناك من النساء من كانت مثلاً للتضحية وهناك من كانت رمزاً للنظام وناطقةً خرساء باسمه. واكتفي بثلاثة امثلة من كل طرف.

فمن نسائهم، نورة آل خليفة، التي يندى الجبين لما قعلته من تعذيب وتنكيل للحرائر. فهي ترى بحجابها عفة نحن لم نمس منها إلا تعذيب الدكتورات وملائكة الرحمة وخيرة نساء الوطن في غياهب السجون، وهو تعذيب لا يستطيع اللسان نطق واقعه لفداحة وشدة وطئته على النفس وخصوصاً اهالي واحباب الاسيرات.

ومن نسائهم، سميرة رجب التي ترى في طاغوت العصر "صدام حسين" رمز للعروبة والاسلام، وتكن من الحقد على اكثر من نصف الشعب مالا يمكن تصوره أبداً. فهي مبدعة التلفيق والكذب الذي لا حدود له لدرجة السذاجة، بحيث يخيل لك انك امام مشهد فيلم هندي او مسلسل مكسيكي لا بداية ولا نهاية له، ولعل واحدة من اجمل كذباتها المضحكة المبكية هي وجود اسلحة مدفونة تحت المساجد والمآتم، وقد حددت بالفعل بعض اسمائهم، ولكننا لا نعلم لماذا هي ما زالت مدفونة بعد كل هذه الجرائم التي ارتكبها النظام، ربما لفيلم حرب العوالم-٢ ان كان توم كروز حياً.

والثالثة منهن، هي الوزيرة فاطمة البلوشي، فهي المرأة الخارقة التي لا تكل ولا تمل، فمن وزارة واحدة، لوزارتين، وما خفي كان اعظم. استلمت وزارة الصحة في افظع الظروف لتدلس بما تريد وتفتري كما تحب، كذباتها لا نهاية له ورغم فضائحها فهي لا تخجل ان تكذب من جديد. ولعل من أشد جرائمها هي اخفائها لحقائق ما حدث بالسلمانية وما ارتكبه درع الجزيرة من جرائم ضد الانسانيه بحق المصابين والكادر الطبي على حدٍ سواء.

وفي المقابل، تقف الدكتوره رولا الصفار بشيب شعرها ووقارها معلماً خالداً ينحني له كل شعب البحرين، نعم فهي وزميلاتها من الممرضات والطبيبات قدمن ما يعجز اللسان عن وصفه، فمن غياهب السجون والتعذيب الذي لا يوصف، للمحاكمات الصورية، لتلفيق التهم اللا اخلاقية، ورغم ذلك صمدت واضربت عن الطعام حتى افرج عنها وما زالت مع الشعب وأماً للجميع رغم كل الجراحات.

ونجمتنا الأخرى، هي المربية الفاضلة جليلة السلمان، فهي من ربت الأجيال وكانت العقل الفاعل والعامل باخلاصٍ وجد في جمعية المعلمين، ورغم كل ما جرى عليها إلا أنها اضربت عن الطعام حتى كادت روحها تزهق لترغمهم على الافراج عنها قبل ان تختطف من منزلها مجدداً قبل ليلتين في الثالثة فجراً بعد كسر الباب من قوات المرتزقة بلا سببٍ يذكر.

ومسك الختام مع بطلة الثورة والتي قدمت أباها وزوجها ونفسها فداءً للوطن وجرحاه وأسراه وشهدائه، إنها المناضلة زينب عبد الهادي الخواجه، فلا توجد عائلة من عوائل الشهداء او الرموز او المصابين إلا وكانت هي من تبلسم جراحهم، تشارك في كل تقارير المصير وتكون لوحدها بالمقدمة وفي خط التماس، وفي يوم الهجوم على المرفأ المالي ١٣-٣-٢٠١١، كانت مرتديةً كفنها وزحفت فوق الجسر لتحريره مع الابطال. وكم من جريحٍ بإصابات خطيرة وحروق مختلفة كانت معه لتداوي جراحه، انها نحلة الثورة التي لا تنام ولا تهدأ وتقدم الوطن وهمه على نفسها وعائلتها، فهنيئاً للبحرين درتها.

هذه نسائنا وهذه نسائكم، فرقٌ شاسع بين من تربت لتبني المجتمع ومن تربت لتزرع الفتنة والارهاب والتعذيب، فأين الثريا من الثرى.

وسيعلم الذين ظلموا اي منقلبٍ ينقلبون

ليث البحرين
١٩-١٠-٢٠١١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق