ستة أشهر والأربعون عاماً


شاءت الأقدار أن يكون ١٤-٨-٢٠١١ يوماً تتقاطع به مناسبتان تمسان حاضر ومستقبل البحرين. فهذا اليوم يصادف مرور ٦ أشهر بالتمام منذ انطلاق ثورتنا المباركة وحدوث الكثير من الأمور الجسام والجرائم الرهيبه.

وبمثل هذا اليوم قبل أربعين عاماً تم تعيين خليفة بن سلمان آل خليفة رئيساً للوزراء ليدخل بذلك موسوعة غينيس العالمية من أوسع أبوابه ليكون صاحب الفترة الأطول بالتاريخ في منصب رئاسة الوزراء.

نعم إن للرجل انجازات كبيرة لا يمكن نكرانها، فهو عراب قانون أمن الدولة السئ الصيت بالحقبة السبعينية التي انتهكت فيها الحرمات وتم قمع التجربة الديموقراطية الوليدة الرائدة في منطقة الخليج من تعطيل  عمل المجلس النيابي المنتخب وإلغاء الأحزاب والنقابات العمالية وتصفية التيارين القومي واليساري مما أسفر عن عشرات الشهداء وآلاف المشردين في اصقاع العالم ومنهم الشاعر اليساري الشهيد سعيد العويناتي مثلاً.

وفي عقده الثاني بمنصبه قدم خليفة دروساً في قمع الشعب لحكام الخليج والمنطقة من تكريس لقانون أمن الدولة حيث يستطيع النظام بموجبه أن يعتقل المواطن البحريني بدون تهمه وعلى ذمة للتحقيق لمدة ثلاث سنوات قابله للتجديد. وشهدت تلك الفتره قمعاً رهيباً للتيار الاسلامي بشقيه الشيعي والسني مما أسفر عن وقوع الكثير من الشهداء باغتيالات او تحت التعذيب كالشهيد البطل جميل العلي الذي كسرت جمجمته واضلاعه في معتقلات النظام.

أما بالعقد الثالث فقد أبدع خليفة بصنوف العقاب الجماعي والارهاب مما أدى لانطلاق انتفاضة الكرامة شهر ديسمبر سنة ١٩٩٤ التي تعمدت بدمي الهانيين لتنطلق ثورة عارمة عرج بها ٤٢ شهيداً في ٧ سنوات وانتهت بقبول الميثاق كمخرج لجميع الازمات ولكن ما لبث ان انقلب النظام على عقبيه.

أما العقد الأخير الممتد من الميثاق للآن فقد شهد أفول لنجم خليفة الذي أبى ان يغيب إلا بترك آثار لا تمحى من ذاكرة الشعب فأبدع واتقن كل صنوف التعذيب والقتل واستخدام البلطجية في قمع ثورة ١٤ فبراير لنشهد عروج ٣٨ شهيداً مقروناً بآلاف الجرحى والمعتقلين وكذلك توقيف آلاف العمال بل وفصل أكثر من ٢٥٠٠ موظفاً من عملهم والمئات من الطلبه من مدارسهم وجامعاتهم.

ولم يكتفِ خليفة بذلك بل قد أقدم في سنته الأربعين على ارتكاب أبشع جريمة في تاريخ البحرين ألا وهي شق اللحمة بين الطائفتين الكريمتين والاستعانة بقوات من خارج البلد لتساند مرتزقته في عملياته القمعية الوحشية التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء لتصل لهدم مساجد الله وحرق مصحفه الشريف.

وبرغم ما قاساه الشعب من هذا الشخص ونظامه في الشهور السته الأخيرة إلا إن خليفة لم يعاني أبداً كما تجرع كؤوس المر والعلقم بسبب ثورة ١٤ فبراير. فهي تأكيد صادق لا غبار عليه على فشله وفضح كل جرائمه التي نجح كثيراً في تغطيتها وحصل على جوائز وشهادات عالمية لا يستحقها جراء ذلك.

فلذلك لو وضعت اربعون عامه في كفه والستة الأشهر الأخيرة في كفة لرجحت الكفة الثانية فبها سقطت اقنعته كلها وبات عارياً تماماً بالدنيا قبل الآخرة حيث سيلاقي جزاء اعماله ولو كانت بمثقال ذره.

وصدق من قال أن الباري عز وجل قد أنزل هذه الآية في سورة البقرة وكأنها تصف شخصية خليفة تماماً "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ويسفك الدماء".

موعدك يا خليفة يوم المحشر حيث لا ينفع مالٌ ولا بنون ولا رئاسة وزراء عمرت بها ٤٠ عاماً وهناك ستلقاها مؤصدة في عمدٍ ممدده وهذا جزاء الظالمين.

ليث البحرين
١٤-٨-٢٠١١
ذكرى استقلال البحرين المحتله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق