في ليلة الحادي عشر من محرم، وبعد انجلاء المعركة عن جثثٍ مقطعة يتوسطها جسد الحسين الشهيد مسلوب العمامة والرداء، بلا رأس معفراً على تراب كربلاء، تفقدت فخر المخدرات زينب النساء واليتامى بعد أن جمعتهم في خيمة العليل وافتقدت الرباب، فهرولت على التراب بين خيام آل البيت المحترقة تبحث عنها، فسمعت في سواد الليل، خلف إحدى الخيام المحروقة نحيباً خافتاً، كان بكاء الرباب التي أخفته خوفاً من قطيع جيش ابن سعد بدموعٍ سالت فوق خديها، لقد شربت الماء وجاءت لإرضاع طفلها، الذي ذبحه حرملة بسهمه من الوريد إلى الوريد بغضاً لجده المرتضى، ذبحه عطشاناً وهو في عمر ٦ شهور فقط.
لقد در لبن الرباب فأتت لترضع عبد الله عله يُسقى منها ما يشفي غليلها المحترق، وكأني بها رفعته من قبره الذي دفنه به الحسين وهي تناديه، يا رضيعي يا قرة عيني هرولت نحوك لألبي نحيبك حين تجوع، لأظلل عليك حين تصحو، لأخفف ألمك حين تمرض.
ساعد الله قلبكِ يا رباب، وعزائك بالله أن ولدكِ خلده التاريخ وخلد فاجعته وما جرى عليه، ولكِ محبون قدموا قرابين رضعاناً لكي تقر عين ولدك الرضيع بهم في الجنة، فقد قدم شعب البحرين قرابين ماتوا تسمماً بغازات الحقد الخليفي وهم في بطون أمهاتهم، قدمنا فدك التي ولدت ميتة بسبب صدمة والدتها بفجيعة قريبها الشهيد علي مشيمع أول شهداء ثورة اللؤلؤ.
وكذلك قدمنا الموؤودة ساجدة، التي ماتت بعد ٦ أيام من ولادتها لتكون الفاجعة الكبرى، ولدت في يوم عاشوراء مواساة للرباب وماتت شهيدةً مظلومةً بعد ٦ أيامٍ فقط مختنقة بغازات القتل الجماعي التي تلقى على الآمنين لتذبحهم وهم نيامٌ في بيوتهم.
لهف قلبي كيف هو حال أمكِ يا ساجدة، حملتكِ ٩ أشهر، وتحملت العذابات في سبيل حمايتكِ عبوراً بين نقاط التفتيش والاهانات الطائفية والقمع الرهيب، وتحملت أذى الغازات واقتحامات المنازل فداءً لكِ لتبقي حية، فلمَ رحلتي عن الدنيا صغيرةً مسبية.
عودي فأمكِ ما زالت في نفاسها تحتاج رؤيتكِ ليطمئن قلبها ولتسقيكِ من لبنها الذي يدر لارضاعكِ وحمايتك، ارجعي فعين والدكِ ستُعمى من الألم وهو يرى ملابسكِ الجميلة ويذكر كيف أذن في أذنيكِ وكيف بعد أقل من أسبوع حملكِ للمغتسل وزفكِ بقماطكِ الأبيض النقي لقبركِ الصغير.
انظري بعين العطف لأختكِ التي انتظرت سنيناً طوالاً قدومكِ للدنيا لتحضنكِ وتراقب نموكِ وترعاكِ وتلعب معكِ وتذهبين في عرسها معها لاختيار فستان فرحها، فلماذا رحلتي وتركتيها وحيدةً ولم يمر أسبوعاً على ولادتك؟ لماذا هذه القسوة منكِ يا ساجدة؟
حقاً إن ما قاله الشاعر غازي الحداد وبصوت الرادود فاضل البلادي ينطبق عليكِ يا ساجدة، فمن قتلكِ وسرقكِ من بيت والديك الحنونين ليسوا إلا أبناء الخنا وفاقدين الرجولة، ولكم ما قاله وصفاً دقيقاً لهم منذ أكثر من ١٢ عاماً:
أبوكمُ أبو لهب يا أمة العرب
وأمكم معروفةٌ حمالة الحطب
قد كشف الغطاء .. في يوم كربلاء
وقتل عبد الله قد فضح العرب
بطولةّ مهيبةٌ بمسرح الخيال .. بطولةّ تنقصها شهامة الرجال
وقادةٌ من اللهى لا تطأ الرمال .. لها افتخارٌ لو مشى من فوقها النعال
ليث البحرين
٢٠-١٢-٢٠١١
لقد در لبن الرباب فأتت لترضع عبد الله عله يُسقى منها ما يشفي غليلها المحترق، وكأني بها رفعته من قبره الذي دفنه به الحسين وهي تناديه، يا رضيعي يا قرة عيني هرولت نحوك لألبي نحيبك حين تجوع، لأظلل عليك حين تصحو، لأخفف ألمك حين تمرض.
ساعد الله قلبكِ يا رباب، وعزائك بالله أن ولدكِ خلده التاريخ وخلد فاجعته وما جرى عليه، ولكِ محبون قدموا قرابين رضعاناً لكي تقر عين ولدك الرضيع بهم في الجنة، فقد قدم شعب البحرين قرابين ماتوا تسمماً بغازات الحقد الخليفي وهم في بطون أمهاتهم، قدمنا فدك التي ولدت ميتة بسبب صدمة والدتها بفجيعة قريبها الشهيد علي مشيمع أول شهداء ثورة اللؤلؤ.
وكذلك قدمنا الموؤودة ساجدة، التي ماتت بعد ٦ أيام من ولادتها لتكون الفاجعة الكبرى، ولدت في يوم عاشوراء مواساة للرباب وماتت شهيدةً مظلومةً بعد ٦ أيامٍ فقط مختنقة بغازات القتل الجماعي التي تلقى على الآمنين لتذبحهم وهم نيامٌ في بيوتهم.
لهف قلبي كيف هو حال أمكِ يا ساجدة، حملتكِ ٩ أشهر، وتحملت العذابات في سبيل حمايتكِ عبوراً بين نقاط التفتيش والاهانات الطائفية والقمع الرهيب، وتحملت أذى الغازات واقتحامات المنازل فداءً لكِ لتبقي حية، فلمَ رحلتي عن الدنيا صغيرةً مسبية.
عودي فأمكِ ما زالت في نفاسها تحتاج رؤيتكِ ليطمئن قلبها ولتسقيكِ من لبنها الذي يدر لارضاعكِ وحمايتك، ارجعي فعين والدكِ ستُعمى من الألم وهو يرى ملابسكِ الجميلة ويذكر كيف أذن في أذنيكِ وكيف بعد أقل من أسبوع حملكِ للمغتسل وزفكِ بقماطكِ الأبيض النقي لقبركِ الصغير.
انظري بعين العطف لأختكِ التي انتظرت سنيناً طوالاً قدومكِ للدنيا لتحضنكِ وتراقب نموكِ وترعاكِ وتلعب معكِ وتذهبين في عرسها معها لاختيار فستان فرحها، فلماذا رحلتي وتركتيها وحيدةً ولم يمر أسبوعاً على ولادتك؟ لماذا هذه القسوة منكِ يا ساجدة؟
حقاً إن ما قاله الشاعر غازي الحداد وبصوت الرادود فاضل البلادي ينطبق عليكِ يا ساجدة، فمن قتلكِ وسرقكِ من بيت والديك الحنونين ليسوا إلا أبناء الخنا وفاقدين الرجولة، ولكم ما قاله وصفاً دقيقاً لهم منذ أكثر من ١٢ عاماً:
أبوكمُ أبو لهب يا أمة العرب
وأمكم معروفةٌ حمالة الحطب
قد كشف الغطاء .. في يوم كربلاء
وقتل عبد الله قد فضح العرب
بطولةّ مهيبةٌ بمسرح الخيال .. بطولةّ تنقصها شهامة الرجال
وقادةٌ من اللهى لا تطأ الرمال .. لها افتخارٌ لو مشى من فوقها النعال
ليث البحرين
٢٠-١٢-٢٠١١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق