فلسطين، جرح الانسانية الأكبر، الأرض التي اغتصبت ظلماً من أهلها ليقيم الصهاينة أعداء الله والإنسانية لهم وطناً على حساب حقوق الشعب الأصلي، الذي هدمت مساجده وكنائسه، شرد أهله إلى بقاع العالم، صودرت أراضيه وكل ما يملكه من حق في الحياة.
وقد قدمت فلسطين نماذج للعطاء الانساني، أثروا الدنيا بتجاربهم وعلمهم، كافحوا من أجل قضيتهم وقدموا أرواحهم في سبيل الوطن السليب، فمنهم العلماء ومنهم الأطباء وكذلك الكتاب والشعراء.
ومنهم الشهيد غسان كنفاني، من أبرز الكفاءات التي قدمتها فلسطين للعالم، فهو أحد رواد الأدب الثوري والانساني، ورغم عمره القصير الذي لم يتجاوز السادسة والثلاثين إلا إنه كان نحلة العطاء الفكري والأدبي من أجل بلاده، واستمر في جزيل عطاءاته حتى اغتالته المخابرات الصهيونية "الموساد" في لبنان سنة ١٩٧٢.
ولعل أبرز رواياته وإبداعاته كانت "عائد إلى حيفا"، فلقد لخص بها حياته وما عاشه من عذابات هو وكل أبناء وطنه المحتل سنة ١٩٤٨ وكيف تم تهجيرهم على يد العصابات الصهيونية وتحت الرعاية البريطانية والأوروبية، ومن هذه الجراحات:
١- احتلال الوطن.
٢- مصادرة الحق في الحياة.
٣- مصادرة الأموال والأراضي وكل ما يملكه الشعب الأصلي.
٤- احلال شعب آخر بديل.
٥- عذابات التهجير والتشرد والحرمان.
والمفارقة الحقيقية هنا، فجراحات فلسطين التي احتلها الصهاينة وأعلنوا دولتهم بها قبل ٦٤ عاماً هي ذاتها جراحات البحرين التي احتلها آل خليفة قبل ٢٣٠ عاماً، بل إن ما حدث بالبحرين قد تجاوز ما حصل ويحصل في فلسطين بكثير، فبلدي المتكون من أرخبيل جزر هو الأصغر في المنطقة مساحة ولكنه الأكبر في عذابات شعبه وجراحات أبنائه.
فإن كانت فلسطين محتلة من الصهاينة وهم يهود الهوية فإن البحرين محتلة ممن رايته تصدح بالشهادتين وبلاده بها الحرمين الشريفين ورغم ذلك يفتخر المحتلون انهم هدموا خلال ٣ أشهر أكثر من ٣٥ مسجداً وحاربوا شعائر إخوانهم في الدين، بل إن آل خليفة عند أول قدومهم للبحرين فعلوا مثل ذلك من محاربة لشعائر الشعب الاصيل وهدم مساجده الأمر الذي استوجب انتفاضات متلاحقة حتى احترم المحتلون مساجد وشعائر الشعب مجبرين.
أما قتل النفس ومصادرة الحق في الحياة، فهذا الأمر لا يحتاج لدليل على الكيان الصهيوني ومجازره التي لا حصر لها كصبرا وشاتيلا وقانا وجنين وغزة والقائمة تطول، وكذلك الأمر بالنسبة لآل خليفة الذين فعلوا ما فعله الصهاينة وزادوا عليهم، وتفردوا ببعض الأمور فعدد الحرائر بالبحرين خلال سنة تجاوز عديد السجينات في سجون اسرائيل خلال ٢٠ عاماً وأكثر، ونسبة شهداء البحرين منذ احتلالها أكثر بكثير من نسبة شهداء فلسطين بالنظر لتعداد السكان، وتشهد على ذلك القرى المهدمة المنكوبة التي مُحيت من الخارطة بكل وحشية، مثل بربورة وبربغ والفرسانة.
وفي جانب مصادرة الأموال والأراضي وما يملكه الشعب، يكفي للتأكيد أن الصهاينة وآل خليفة وجهان لعملة واحدة ما فعله كلاهما في بلدات الشعب الأصلي وسرقتهم لكل ما يملكه المواطنون، فالبحرين الجزيرة التي تحيط بها المياه من كل الجوانب لا يسمح لشعبها بإستخدام أكثر من ٣٪ فقط من شواطئها، والباقي من السواحل أصبح بقدرة قادر مُلك للعائلة الحاكمة وزبانيتها، والمضحك المبكي أن يتم تمليك أهم وأغلى أرض استثمارية بالبحرين وهي أرض المرفأ المالي بدينار واحد فقط لرئيس وزراء آل خليفة الذي ما زال مستمراً في منصبه لأكثر من ٤٠ سنة متواصلة، علماً إنها تساوي مئات الملايين من الدنانير، بينا لا يملك نصف الشعب حتى شقة صغيرة تؤيه فترى شبابه يعيشون مع زوجاتهم وأطفالهم في حُجرٍ صغار في بيوت آبائهم أو في شققٍ محدودةٍ مؤجرة.
ولعل أكبر جرائم الصهاينة هي احلالهم لشذاذ الآفاق محل الشعب الفلسطيني وتغييرهم للخريطة الديموغرافية على أرض الواقع، وهذا عينه ما فعله آل خليفة الذين جنسوا مئات الآلاف خلال السنوات العشر الأخيرة لتغيير التركيبة الشعبية والخريطة الديموغرافية للبحرين، فمن جنسوهم كانوا من طائفة معينة يراد بهم خلق توازن لصالح النظام، وهذه الجريمة لا يمكن أن يغفرها الشعبين الفلسطيني والبحراني للصهاينة وآل خليفة.
أما أفظع عذابات الشعب الفسطيني المظلوم فهي التشريد واللجوء لأقاسي لعالم والحرمان من لقمة العيش، فكم من رضيعٍ مات من شدة الظمأ، وكم من حرةٍ أسقط حملها، وكم من عائلة نامت بالشوارع لا ناصر لها، وكم من رجل مثقف عمل بأشق الأعمال بعد أن كان مترفاً، وغيرها مما لا يمكن حصره بسبب هذا التهجير القصري عن البيت والوطن.
بالله عليكم ألم يحدث كل ذلك في البحرين، ألم يهجروا أجدادنا للكويت والعراق وإيران وعمان، وهناك من هجروه ووصل لزنجبار والهند ومدغشقر، ومساجد وأسماء المهجرين تتكلم عنهم وعن أصولهم البحرانية، قرى عدة تم هدمها على أهليها ومورست أبشع الاقطاعيات لتشريد الشعب الأصلي وسرقت جهده وآثاره، تشهد كل ثنايا الوطن على ذلك ومنها أطلال القرى المنكوبة، والمساجد المهدمة والمصاحف المحروقة.
لذلك ثار شعب البحرين يوم ١٤-٢-٢٠١١، وتوجه مئات الآلاف من أبنائه لدوار اللؤلؤة مطالبين بالإصلاح، وقد حصلوا على مواثيق مغلظة من ملك البحرين بأنهم بأمنٍ وأمان، وإذا به يكرر فعلة آبائه وأجداده بشراسةٍ أشد وخبث لا مثيل له ويأمر هو شخصياً بالهجوم على العوائل النائمة بكل طمأنينة، ليهجم بقواته الخاصة المدربة على الحروب ليس على جيشٍ محتل بل على شعبه الأعزل بنسائه وأطفاله وشيوخه، فكان يوم الخميس الدامي فجر ١٧-٢-٢٠١١ واستشهد من استشهد من خيرة أبناء الوطن.
واستمرت العذابات وخيانات آل خليفة، واستخدموا كل أسلحتهم من بلطجية مدنيين مسلحين، إلى مرتزقة مجنسين مددجين بكل أنواع الاسلحة النارية والانشطارية "المحرمة دولياً" والغازات السامة، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بسابقة تاريخية هي بيعهم البحرين لأربع جيوش من خارجها وإعطائهم الحكم عملياً للسعودية والسعي العلني للانضمام لها بلا مقابل، ليأكدوا مجدداً أنهم ليسوا أبناءً للوطن ولا يصلحوا أن يبقوا حكامه.
وفعل جيش درع الجزيرة بقيادة السعودية ما فعله، من هدم مساجد موثقة بالصور والفيديوات، وحرق مصاحف طبعت بالسعودية، وسجن الآلاف واعتقال مئات النساء واغتصاب بعضهن وثبتت للآن ثلاث حالات إحداها لطفلة في بيت والدها أثناء إعتقاله، كل هذا وأكثر حدث والقوم يرفعون شعار لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله.
لذلك كان ولابد أن نعود من حيث انطلقنا كما قالها وأحس بها قلب غسان كنفاني، فعودته لحيفا وعكا حيث مسقط رأسه هي الحل الحقيقي الذي ينتهي به نظام بني صهيون، وعودتنا لدوار اللؤلؤة الذي تطهر بدماء شهدائنا الأبرار فصار "ميدان الشهداء" هي بداية الحل الحقيقي برحيل بنو خليفة عن سدة الحكم بالبحرين، فبعودتنا ننطلق مجدداً نحو مطلبنا الحقيقي وهي الحرية الصادقة لكل أبناء الشعب، حيث لا تفضيل حزبي ولا محاصصة طائفية، وتستمر البحرين حرة عربية غير محتلة ولا تابعة لأحد كائناً من كان، هذا هدفنا وهذا شعارنا وهذا مطلبنا ولن نحيد عنه مطلقاً، ووعدنا الذي سنعلقه فوق صدورنا ونسعى له حتى يتم تحقيقه طال الزمان أو قصر، إننا جميعاً بأطفالنا ونسائنا وشيخونا وكل ما نملكه "عائدون إلى الميدان".
ليث البحرين
١٠-٢-٢٠١٢
HGG?.?
ردحذفHGFG
حذفTRDNG R?
ردحذفكص امك
ردحذفكص امك
ردحذفىات
ردحذف